مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُثْقِلُهُ، كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّى بِهِمْ كَصَلَاةِ الْحَضَرِ، وَأَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ قَضَتْ رَكْعَتَيْنِ؛ وَهُوَ تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ لِمُخَالَفَةِ صِفَةِ الرِّوَايَةِ، وَقَوْلِ أَحْمَدَ، وَمَنَعَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِاحْتِمَالِ سَلَامِهِ، فَتَكُونُ الصِّفَةُ قَبْلَهَا.
تَتْمِيمٌ: وَهُوَ الْوَجْهُ السَّادِسُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا؛ وَهُوَ لَوْ قَصَرَهَا، وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا قَضَاءٍ، كَصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، صَحَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "، وَ " الْفُرُوعِ "، وَ " مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ "، وَغَيْرِهِمْ، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": الَّذِينَ قَالُوا: رَكْعَةً، إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ شِدَّةِ الْقِتَالِ، وَالَّذِينَ رَوَيْنَا عَنْهُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُهُمْ لَمْ يَنْقُصُوا مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لِصِغَرِ سِنِّهِ، فَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ مَنْ حَضَرَهَا وَصَلَّاهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى.
زِيَادَةٌ: إِذَا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ نَجْدٍ، عَلَى مَا خَرَّجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ وَهِيَ أَنْ تَقُومَ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَأُخْرَى تُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَظَهْرُهَا إِلَى الْقِبْلَةِ، ثُمَّ يُحْرِمُ وَيُحْرِمُ مَعَهُ الطَّائِفَتَانِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً هُوَ وَالَّتِي مَعَهُ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى الثَّانِيَةِ وَيَذْهَبُ الَّذِينَ مَعَهُ إِلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الْأُخْرَى فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، ثُمَّ يُصَلِّي بِالثَّانِيَةِ وَيَجْلِسُ، وَتَأْتِي الَّتِي تُجَاهَ الْعَدُوِّ فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ وَيُسَلِّمُ بِالْجَمِيعِ، جَازَ.
(وَيُسْتَحِبُّ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يُثْقِلُهُ، كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ) ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] وَقَوْلِهِ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} [النساء: ١٠٢] فَدَلَّ عَلَى الْجُنَاحِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ شَرْطًا كَالسُّتْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا: وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَلِأَنَّ حَمْلَهُ يُرَادُ لِحِرَاسَةٍ أَوْ قِتَالٍ، وَالْمُصَلِّي لَا يَتَّصِفُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَالْأَمْرُ بِهِ لِلرِّفْقِ بِهِمْ وَالصِّيَانَةِ لَهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْإِيجَابِ، كَمَا أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ لَمَّا كَانَ لِلرِّفْقِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ، وَذَكَرَهُ الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّ حَمْلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute