يُصَلِّيَ كَذَلِكَ. وَهَلْ لِطَالِبِ الْعَدُوِّ الْخَائِفِ فَوَاتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَمَنْ أَمِنَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّ صَلَاةَ آمِنٍ، وَمَنِ ابْتَدَأَهَا آمِنًا فَخَافَ، أَتَمَّ صَلَاةَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَبُو بَكْرٍ فِي " الشَّافِي "، وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَمَعَ الْعَجْزِ رِوَايَتَانِ.
(وَمَنْ هَرَبَ مِنْ عَدُوٍّ هَرَبًا مُبَاحًا) كَخَوْفِ قَتْلٍ مُحَرَّمٍ أَوْ أَسْرٍ (أَوْ مِنْ سَيْلٍ أَوْ سَبُعٍ) وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ - بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا -، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ مُفْتَرِسٍ (أَوْ نَحْوِهِ) كَنَارٍ (فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَذَلِكَ) أَيْ: كَمَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ، سَوَاءٌ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ ذَبَّهُ عَنْهُ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ صَلَاةُ أَمْنٍ كَدُخُولِهِ حِصْنًا، أَوْ صُعُودِهِ رَبْوَةً، فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ، وَفِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِمُحْرِمٍ خَوْفَ فَوْتِ الْحَجِّ خِلَافٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَاصِيَ بِهَرَبِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ، فَلَا تَثْبُتُ بِالْمَعْصِيَةِ كَرُخَصِ السَّفَرِ (وَهَلْ لِطَالِبِ الْعَدُوِّ الْخَائِفِ فَوَاتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، رُوِيَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ؛ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ، قَالَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ، فَرَأَيْتُهُ وَقَدْ حَضَرَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ كَانَ قَدْ عَلِمَ جَوَازَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مُخْطِئًا، وَلِأَنَّ فَوَاتَ الْكُفَّارِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ، فَأُبِيحَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ عِنْدَ فَوْتِهِ، كَالْحَالَةِ الْأُخْرَى، وَالثَّانِيَةُ: لَا يُصَلِّي إِلَّا صَلَاةَ أَمْنٍ، صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ بِالْخَوْفِ؛ وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا، وَكَذَا التَّيَمُّمُ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إِنْ خَافَ الطَّالِبُ رُجُوعَ الْعَدُوِّ صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ؛ وَهُوَ الَّذِي فِي " الشَّرْحِ ".
(وَمَنْ أَمِنَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّ صَلَاةَ آمِنٍ، وَإِنِ ابْتَدَأَهَا آمِنًا فَخَافَ، أَتَمَّ صَلَاةَ خَائِفٍ) عَلَى حَسَبِ حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ، وَكَمَا لَوْ صَلَّى قَائِمًا ثُمَّ عَجَزَ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute