يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. . . . .
وَمِنْ سُنَنِهِمَا أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ، أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَسْمَعُ، فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِفَوْتِ الْمَقْصُودِ، وَقِيلَ: بَلَى، كَمَا لَوْ كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ طُرْشًا أَوْ عُجْمًا؛ وَهُوَ عَرَبِيٌّ، وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ خُرْسًا صَلَّوْا ظُهْرًا فِي الْأَصَحِّ، وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُنُونِ "، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ يَسِيرًا (وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ، وَأَنْ يَتَوَلَّاهُمَا مَنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ لَمْ يَكُنْ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِطَهَارَةٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَطَهِّرًا، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ شَرْطًا فِي الْجُمُعَةِ أَشْبَهَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ "، وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَتَقَدَّمُ الصَّلَاةَ، أَشْبَهَ الْأَذَانَ، وَعَنْهُ: تُشْتَرَطُ الْكُبْرَى، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَصُّهُ: تُجْزِئُ خُطْبَةُ الْجُنُبِ، جَزَمَ بِهِ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ لُبْثِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِوَاجِبِ الْعِبَادَةِ، كَمَنْ صَلَّى وَمَعَهُ دِرْهَمٌ غَصْبٌ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الْقَاضِي فِي " جَامِعِهِ "، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " فِيهِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ لُبْثَهُ فِيهِ مَعْصِيَةٌ تُنَافِي الْعِبَادَةَ، وَقِيلَ: إِنْ جَازَ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ آيَةٍ أَوْ لَمْ تَجِبِ الْقِرَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ، فَوَجْهَانِ كَالْأَذَانِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ كَطَهَارَةٍ صُغْرَى.
الثَّانِيَةُ: إِحْدَاهُمَا لَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَذُكِرَ فِي " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مُنْفَصِلَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَا الصَّلَاتَيْنِ، لَكِنْ فِي فِعْلِ اثْنَيْنِ لِلْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ، وَالثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ، قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَةِ "؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ رَكْعَتَيْنِ، وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ مَعَ الْعُذْرِ كَالْحَدَثِ، ذُكِرَ فِي " الشَّرْحِ " أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الصَّلَاةِ لِلْعُذْرِ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَعَلَى الْجَوَازِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النَّائِبِ الْخُطْبَةَ، كَالْمَأْمُومِ، لِتَعَيُّنِهَا عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا إِلَّا تَبَعًا، كَمُسَافِرٍ. وَإِنْ أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْخُطْبَةَ، صَحَّ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ، أَتَمُّوا فُرَادَى جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute