مَعَ عَدَمِهَا، فَإِنْ فَعَلُوا، فَجُمُعَةُ الْإِمَامِ هِيَ الصَّحِيحَةُ. فَإِنِ اسْتَوَتَا، فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا، أَوْ جُهِلَتِ الْأُولَى، بَطَلَتَا مَعًا.
وَإِذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَقْطَارِهِ، أَوْ بُعْدِ الْجَامِعِ أَوْ ضِيقِهِ أَوْ خَوْفِ فِتْنَةٍ، وَلِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْأَمْصَارِ الْعَظِيمَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ إِجْمَاعًا.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ، وَأَصْحَابَهُ لَمْ يُقِيمُوهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالْجَوَابُ لِعَدَمِ حَاجَتِهِمْ إِلَى أَكْثَرَ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُؤَثَّرُونَ بِسَمَاعِ خُطْبَتِهِ وَشُهُودِ جُمُعَتِهِ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَنَازِلُهُمْ، وَظَاهِرُهُ إِذَا اسْتَغْنَى بِجُمُعَتَيْنِ لَمْ تَجُزِ الثَّالِثَةُ (وَلَا تَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا عَنْ عَطَاءٍ (فَإِنْ فَعَلُوا) أَيْ: فَعَلُوهَا فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ (فَجُمُعَةُ الْإِمَامِ هِيَ الصَّحِيحَةُ) لِأَنَّ فِي تَصْحِيحِ غَيْرِهَا افْتِئَاتًا عَلَيْهِ، وَتَفْوِيتًا لَجُمُعَتِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ حَمْدَانَ أَنَّهُ أَوْلَى، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: إِذْنُهُ شَرْطٌ أَوْ لَا، وَقِيلَ: السَّابِقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ، لِأَنَّهَا لَمْ يَتَقَدَّمْهَا مَا يُفْسِدُهَا (فَإِنِ اسْتَوَتَا) فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ حَصَلَ بِالْأُولَى، فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهَا لِكَوْنِهَا سَابِقَةً، وَيُعْتَبَرُ السَّبْقُ بِالْإِحْرَامِ، وَقِيلَ: بِالشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ، وَقِيلَ: بِالسَّلَامِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ أَوْ قَصَبَةِ الْبَلَدِ فِي وَجْهٍ، وَفِي الْآخَرِ: تَصِحُّ الْوَاقِعَةُ فِيهِمَا، وَلَوْ كَانَتِ الثَّانِيَةَ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ لِهَذِهِ الْمَعَانِي مَزِيَّةً، فَقُدِّمَ بِهَا كَجُمُعَةِ الْإِمَامِ (فَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا) وَلَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا، بَطَلَتَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُمَا، وَلَا تَعْيِينُ إِحْدَاهُمَا بِالصِّحَّةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute