للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ، فَيُصَلِّي بِهِمْ.

ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً. يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

رُضَّعٌ، وَعِبَادٌ رُكَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، لِصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا» ، وَلِأَنَّهُمْ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ، فَيَكُونُ دُعَاؤُهُمْ مُسْتَجَابًا كَالْمَشَايِخِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ النَّصَّ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِحْبَابُ خُرُوجِ الْبَهَائِمِ.

وَفِي " الْفُصُولِ " نَحْنُ لِخُرُوجِ الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، قَالَ: وَيُؤْمَرُ سَادَةُ الْعَبِيدِ بِإِخْرَاجِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ، وَلَا يَجِبُ، وَالْمُرَادُ: مَعَ عَدَمِ الْفِتْنَةِ (وَإِنْ خَرَجَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يُمْنَعُوا) لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَاللَّهُ ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ كَمَا ضَمِنَ أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمَذْهَبُ يَكْرَهُ، لِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ، فَهُمْ بَعِيدُونَ مِنَ الْإِجَابَةِ، وَإِذَا غِيثَ الْمُسْلِمُونَ فَرُبَّمَا ظَنُّوهُ بِدُعَائِهِمْ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ (وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ فَيَعُمَّ مَنْ حَضَرَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُمْ لَا يُفْرَدُونَ بِيَوْمٍ؛ لِئَلَّا يَتَّفِقَ نُزُولُ غَيْثٍ يَوْمَ خُرُوجِهِمْ وَحْدَهُمْ، فَيَكُونُ أَعْظَمُ لِفِتْنَتِهِمْ، وَرُبَّمَا افْتَتَنَ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالسَّامِرِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": إِفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَوْلَى؛ لِئَلَّا يَظُنُّوا إِنَّمَا حَصَلَ مِنَ السُّقْيَا بِدُعَائِهِمْ، وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمُ الْخِلَافُ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْهُمْ شَابَّةٌ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ فِي " الْفُصُولِ "، وَجَعَلَ أَهْلَ الذِّمَّةِ مَنْ خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ.

فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِسْقَاءُ بِمَنْ ظَهَرَ صَلَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ، وَقَدِ اسْتَسْقَى عُمَرُ بِالْعَبَّاسِ، وَمُعَاوِيَةُ بِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَاسْتَسْقَى بِهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ مَرَّةً أُخْرَى، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ.

وَقَالَ السَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": لَا بَأْسَ بِالتَّوَسُّلِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالشُّيُوخِ وَالْعُلَمَاءِ الْمُتَّقِينَ.

وَقَالَ فِي " الْمُذْهَبِ ": وَيَجُوزُ أَنْ يُستَشَفَّعَ إِلَى اللَّهِ بِرَجُلٍ صَالِحٍ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>