وَيَفْعَلُ النَّاسُ كَذَلِكَ، وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ، وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، فَإِنْ سُقُوا وَإِلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَوْدَاءُ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ أَسْفَلَهَا أَعْلَاهَا فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ، فَقَلَبَهَا الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأُجِيبَ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا، فَهِيَ ظَنٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَقَدْ نَقَلَ التَّحْوِيلَ جَمَاعَةٌ، لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ جَعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَيَبْعُدُ أَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ تَرَكَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لِثِقَلِ الرِّدَاءِ (وَيَفْعَلُ النَّاسُ كَذَلِكَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ، كَيْفَ وَقَدْ عُقِلَ الْمَعْنَى؛ وَهُوَ التَّفَاؤُلُ بِقَلْبِ الرِّدَاءِ لِيُقْلَبَ مَا بِهِمْ مِنَ الْجَدْبِ إِلَى الْخِصْبِ، مَعَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ) لِعَدَمِ نَقْلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُؤَلِّفُ فِي " الْكَافِي "، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ لَا تَحْوِيلَ فِي كُسُوفٍ، وَلَا حَالَةَ الْأَمْطَارِ وَالزَّلْزَلَةِ، وصَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ (وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْإِخْلَاصِ، وَأَبْلَغُ فِي الْخُشُوعِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: ٥٥] وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِبَعْضِهِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّأْمِينُ (فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَاسْتَجِبْ لَنَا كَمَا وَعَدْتَنَا) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِنْجَازًا لِمَا وَعَدَ مِنْ فَضْلِهِ حَيْثُ قَالَ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] فَإِنْ دَعَا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ اسْتَقْبَلَهُمْ بِوَجْهِهِ ثُمَّ حَثَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالْبِرِّ والخير، ويصلي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْمُؤْمِنَاتِ، وَيَقْرَأُ آيَةً، وَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ فَرَغَ مِنْهَا، ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ (فَإِنْ سُقُوا) فَذَلِكَ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةٌ (وَإِلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّضَرُّعِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute