الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ سُرِّيَّتِهِ. وَلِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
النَّبِيِّ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لِعَائِشَةَ: «مَا ضَرُّكِ لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ عَلِيًّا غَسَّلَ فَاطِمَةَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَوِ اسْتَقْبَلْنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا اسْتَدْبَرْنَا مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا نِسَاؤُهُ. وَقَدْ وَقَعَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَلِأَنَّ آثَارَ النِّكَاحِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْإِرْثِ بَاقِيَةٌ، فَكَذَا الْغُسْلُ، وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ تُبَاحُ بِهَا أُخْتُهَا، وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَحْرُمَ النَّظَرُ وَاللَّمْسُ كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ بِالْمَوْتِ، وَمَا زَالَتْ عِصْمَةُ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَجُزْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، فَيَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَةٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَالْمَذْهَبِ فِيمَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ لَهَا دُونَهُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ رُخْصَةً فِي النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيِّ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ، إِذْ مَحْذُورُ الشَّهْوَةِ فِيهَا أَخَفُّ، وَقَدْ نَفَاهُ الْمُؤَلِّفُ، وَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَلَى الْأُولَى يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَنَّهَا تُغَسِّلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ، كَمَا لَوْ وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ، وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ إِنْ أُبِيحَتْ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا (وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ مَعَ سُرِّيَّتِهِ) لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ وَمَمْلُوكَةٌ، وَحُكْمُ الْمَلْكِ فِي إِبَاحَةِ اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي الْحَيَاةِ، بَلْ بَقَاءُ الْمَلْكِ أَوْلَى لِبَقَاءِ وُجُوبِ تَكْفِينِهَا، وَمُؤْنَةُ دَفْنِهَا كَالْحَيَاةِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمَلْكَ يَنْتَقِلُ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهِ، وَعَلَى الْأُولَى: لَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي اسْتِبْرَاءٍ فَوَجْهَانِ، وَلَا الْمُعَتَقَ بَعْضُهَا، وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالْأَمَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، لِأَنَّهَا عُتِقَتْ بِمَوْتِهِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَقَةٌ مِنْ مِيرَاثٍ وَنَحْوِهِ.
فَائِدَةٌ: السُّرِّيَّةُ: هِيَ الْأَمَةُ الَّتِي بَوَّأَهَا بَيْتًا مَنْسُوبَةٌ إِلَى السِّرِّ؛ وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَضَمُّوا السِّينَ؛ لِأَنَّ الْحَرَكَاتِ قَدْ تُغَيَّرُ فِي الْأَبْنِيَةِ خَاصَّةً، كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إِلَى الدَّهْرِ دُهْرِيٌّ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُ يُسِرُّ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute