فِي غُسْلِهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْجُلُوسِ، وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ عَصْرًا رَفِيقًا، وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ، ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنْجِيهِ. وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَتِهِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إِلَّا بِخِرْقَةٍ، ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ وَيُسَمِّي،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِلْخَبَرِ، وَلَا يَنْظُرُ الْغَاسِلُ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ (وَلَا يَحْضُرُهُ إِلَّا مَنْ يُعَيَّنُ فِي غُسْلِهِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ أَمْرٌ يَكْرَهُ الْحَيُّ أَنْ يُطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى مِثْلِهِ، وَرُبَّمَا ظَهَرَ فِيهِ شَيْءٌ؛ وَهُوَ فِي الظَّاهِرِ مُنْكَرٌ، فَيُتَحَدَّثُ بِهِ، فَيَكُونُ فَضِيحَةً، وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إِلَى حُضُورِهِ، بِخِلَافِ مَنْ يُعِينُ الْغَاسِلَ بِصَبٍّ وَنَحْوِهِ، وَاسْتَثْنَى الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ لِوَلِيِّهِ الدُّخُولَ عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءَ (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ إِلَى قَرِيبٍ مِنَ الْجُلُوسِ، وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ) لِيَخُرِجَ مَا فِي جَوْفِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ (عَصْرًا رَفِيقًا) لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي مَحَلِّ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَنْهُ: يَفْعَلُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَنْهُ: بَلْ فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِينُ حَتَّى يُصِيبَهُ الْمَاءُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَامِلُ، فَإِنَّهُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهَا لِخَبَرٍ رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُجْلِسُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَذِيَّةً لَهُ، وَيَكُونُ ثَمَّ بُخُورٌ لِئَلَّا يَظْهَرَ مِنْهُ رِيحٌ (وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ) لِيُذْهِبَ مَا خَرَجَ، وَلَا يَظْهَرُ رَائِحَتُهُ (ثُمَّ يَلُفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنْجِيهِ) وِفَاقًا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ، وَطَهَارَةً لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّي النَّجَاسَةِ إِلَى الْغَاسِلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَسْحُهَا، وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يُنَجَّى، وَيَكْفِيهِ خِرْقَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ لَا بُدَّ لِكُلِّ فَرْجٍ مِنْ خِرْقَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ خِرْقَةٍ خَرَجَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إِلَّا أَنْ تُغْسَلَ (وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَته) لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَيْهَا حَرَامٌ، فَمَسُّهَا أَوْلَى (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إِلَّا بِخِرْقَةٍ) لِفِعْلِ عَلِيٍّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِيُزِيلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَيَأْمَنَ مَسَّ الْعَوْرَةِ الْمُحَرَّمِ مَسُّهَا.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: بَدَنُهُ عَوْرَةٌ إِكْرَامًا لَهُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَ سَتْرُ جَمِيعِهِ، فَيَحْرُمُ نظره، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَهُ إِلَّا مَنْ يُعَيَّنُ فِي أَمْرِهِ؛ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، فَحِينَئِذٍ يُعِدُّ الْغَاسِلُ خِرْقَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا لِلسَّبِيلَيْنِ، وَالْأُخْرَى لِبَقِيَّةِ بَدَنِهِ (ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ) وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute