للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالَ بَقَاؤُهُ، غُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ. وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ؟ عَلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا سَقَطَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ شَاهِقٍ أَوْ تَرَدَّى فِي بِئْرٍ فَمَاتَ فِيهَا أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ مَاتَ بِغَيْرِ قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ فِعْلِ الْعَدُوِّ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِفِعْلِهِمْ فَلَا.

الثَّانِي: إِذَا وُجِدَ مَيِّتًا، وَلَا أَثَرَ به، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِالِاحْتِمَالِ، وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْقِتَالِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِهِ أَثَرٌ فَإِنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا دَمَ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ.

قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: اعْتَبَرْنَا الْأَثَرَ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْغُسْلِ، وَلَمْ نَعْتَبِرْهُ فِي الْقَسَامَةِ احْتِيَاطًا، لِوُجُوبِ الدَّمِ، فَإِنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ غُسِّلَ، كَمَنْ رُدَّ عَلَيْهِ سَهْمُهُ فَقَتَلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَصَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ كَقَتْلِ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ عَامِرَ بْنَ الْأَكْوَعِ بَارَزَ رَجُلًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَعَادَ عَلَيْهِ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ، فَلَمْ يُفْرَدْ عَنِ الشُّهَدَاءِ بِحُكْمٍ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا حُمِلَ بَعْدَ جُرْحِهِ فَأَكَلَ، أَنَّهُ يُغَسَّلُ «لِتَغْسِيلِهِ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» ، وَلِأَنَّ الْأَكْلَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذِي حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ، وَظَاهِرُهُ: إِذَا شَرِبَ أَوْ تَكَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَابْنُ تَمِيمٍ؛ لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ لَمْ يُغَسِّلْ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ، وَأَصْرَمَ بْنَ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَقَدْ تَكَلَّمَا وَمَاتَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَلَكِنْ قَدَّمَ السَّامِرِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمَجْدُ وَالْجَدُّ أَنَّ مَنْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ كَمَنْ أَكَلَ، زَادَ جَمَاعَةٌ: أَوْ عَطَسَ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ إِذَا طَالَ بَقَاؤُهُ عُرْفًا لَا وَقْتَ صَلَاةٍ، أَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً؛ وَهُوَ يَعْقِلُ، لِأَنَّهَا تَقْتَضِي حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً، وَظَاهِرُ " الْخِرَقِيِّ " أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِغُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ طُولُ الْفَصْلِ، بَلْ لَوْ مَاتَ عَقِبَ الْحَمْلِ وَفِيهِ رَمَقٌ، فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَأَوْرَدَهُ الْمَجْدُ مَذْهَبًا، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: إِنَّمَا يُتْرَكُ غُسْلُ مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ.

(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَهَلْ يُلْحَقُ بِالشَّهِيدِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا: يُلْحَقُ بِهِ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " فَعَلَيْهَا لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>