لَهُ لَحْدًا. وَيُنْصَبُ اللَّبِنُ عَلَيْهِ نَصْبًا، وَلَا يُدْخِلُهُ خَشَبًا، وَلَا شَيْئًا مَسَّهُ النَّارُ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَوْلَى بِدَفْنِهِ تَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ نَائِبُهُ إِنْ شَاءَ (وَلَا يُسْجَى الْقَبْرُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةٍ) فَإِنَّهُ يُسَنُّ تَغْطِيَةُ قَبْرِهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ نُعَلِّمُهُ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَرَاهُ الْحَاضِرُونَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ " الْوَجِيزِ " وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَيُكْرَهُ سَتْرُ قَبْرِ الرَّجُلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ عَلِيٍّ وَتَقَدَّمَ بِقَوْمٍ دَفَنُوا مَيِّتًا وَبَسَطُوا عَلَى قَبْرِهِ الثَّوْبَ، فَجَذَبَهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا يُصْنَعُ هَذَا بِالنِّسَاءِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّ كَشْفَهُ أَمْكَنُ وَأَبْعَدُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ مِنْ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُكْرَهْ (وَيُلْحِدُ لَهُ لَحْدًا) لِقَوْلِ سَعْدٍ: الْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا اللَّبِنَ عَلَيَّ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ وَاللَّحْدُ إِذَا بَلَغَ الْحَافِرُ قَرَارَ الْقَبْرِ حَفَرَ فِيهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ مَكَانًا يُوضَعُ فِيهِ الْمَيِّتُ؛ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الشَّقِّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ أَنْ يَحْفِرُوا أَرْضَ الْقَبْرِ شَقًّا يَضَعُ فِيهِ الْمَيِّتَ وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَيُكْرَهُ الشَّقُّ بِلَا عُذْرٍ، فَلَوْ تَعَذَّرَ اللَّحْدُ لِكَوْنِ التُّرَابِ يَنْهَارُ يَبْنِيهِ بِلَبِنٍ وَحِجَارَةٍ إِنْ أَمِنَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَشُقُّ إِذَنْ.
قَالَ أَحْمَدُ: لَا أُحِبُّ الشَّقَّ، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ (وَيَنْصِبُ اللَّبِنَ عَلَيْهِ نَصْبًا) لِحَدِيثِ سَعْدٍ، وَإِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ طِنَّ قَصَبٍ جَازَ، لِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ: رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّبِنَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ مَنْ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَأَبْعَدُ مِنْ أَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، وَعَنْهُ: الْقَصَبُ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَابْنُ عَقِيلٍ؛ «لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ خَرَّجَ عَلَى قَبْرِهِ طُنٌّ مِنْ قَصَبٍ» ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ " هُمَا سَوَاءٌ، وَيُسَدُّ الْخَلَلُ بِمَا يَمْنَعُ التُّرَابَ مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute