وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ، وَالْبِنَاءُ وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ. وَالْجُلُوسُ، وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، وَالِاتِّكَاءُ إِلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ طُيِّنَ قَبْرُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ صِيَانَةً عَنِ الدَّرْسِ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَالنَّهْيُ الْوَارِدُ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى طِينٍ فِيهِ تَحْسِينٌ لِلْقَبْرِ وَزِينَةٌ (وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُهُ) وَتَزْوِيقُهُ وَتَحْلِيقُهُ؛ وَهُوَ بِدْعَةٌ (وَالْبِنَاءُ) عَلَيْهِ، أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ. لَاصِقَةً أَوْ لَا، لِقَوْلِ جَابِرٍ «نَهَى النَّبِيُّ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْقُبَّةِ وَالْبَيْتِ وَالْحَظِيرَةِ فِي مِلْكِهِ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَيُكْرَهُ فِي صَحْرَاءٍ لِلضِّيقِ وَالتَّشَبُّهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، وَكَرِهَ فِي " الْوَسِيلَةِ " الْبِنَاءَ الْفَاخِرَ كَالْقُبَّةِ، وَظَاهِرُهُ لَا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلَاصِقٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وَحِفْظِهِ دَائِمًا، فَهُوَ كَالْحَصْبَاءِ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ، أَوْ يَخُصُّ مِنْهُ، وَعَنْهُ: مَنْعُ الْبِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: رَأَيْتُ الْأَئِمَّةَ بِمَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا تَبَقَّى، وَالْمَنْقُولُ هُنَا الْمَنْعُ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ، يُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْهُ عَمَّنِ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ لِغَيْرِهِ، قَالَ: لَا يُدْفَنُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حفر قَبْرٌ فِي مُسْبَلَةٍ قَبْلَ الْحَاجَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَتُكْرَهُ الْخَيْمَةُ وَالْفُسْطَاطُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَمْرِ ابْنِ عُمَرَ بِإِزَالَتِهِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الصَّحْرَاءَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ ـ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ـ كَانَ يَدْفِنُ أَصْحَابَهُ بِالْبَقِيعِ؛ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَسَاكِنِ الْآخِرَةِ، وَأَكْثَرُ لِلدُّعَاءِ لَهُ، وَالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِ، سِوَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَاخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْخَرْقَ يُتَّبَعُ، وَالْمَكَانُ ضَيِّقٌ، وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ، ذَكَرَهَا الْمَجْدُ. (وَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «نَهَى أَنْ تُجَصَّصَ الْقُبُورُ، وَأَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهَا، وَأَنْ تُوطَأَ» (وَالْجُلُوسُ) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لِأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ، فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ، خَيْرٌ من أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute