للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولَ إِذَا زَارَهَا أَوْ مَرَّ بِهَا: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَغَيْرُهُ، وَأَخَذَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ الْإِبَاحَةَ؛ لِأَنَّهُ الغالب فِي الْأَمْرِ بَعْدَ الْحَظْرِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَنَهُ بِمَا هُوَ مُبَاحٌ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

فَوَائِدُ: يُسْتَحَبُّ لِلزَّائِرِ أَنْ يَقِفَ أَمَامَ الْقَبْرِ، وَعَنْهُ: حَيْثُ شَاءَ، وَعَنْهُ: قُعُودُهُ كَقِيَامِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَنْبَغِي قُرْبُهُ، كَزِيَارَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَيَجُوزُ لَمْسُ الْقَبْرِ بِالْيَدِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، لِأَنَّ الْقُرْبَ تُتَلَقَّى مِنَ التَّوْقِيفِ، وَلَمْ تَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، صَحَّحَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ مُصَافَحَةَ الْحَيِّ، وَلَا سِيَّمَا مِمَّنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ، وَاجْتِمَاعُ النَّاسِ لِلزِّيَارَةِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بِدْعَةٌ.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، وَيَجُوزُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْمُشْرِكِ وَالْوُقُوفُ لِزِيَارَتِهِ لِمَا سَبَقَ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، وَجَوَّزَهُ حَفِيدُهُ لِلِاعْتِبَارِ.

قَالَ: وَلَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ زِيَارَةَ قَبْرِ أَبِيهِ الْمُسْلِمِ (وَهَلْ يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) إِحْدَاهُمَا؛ وَهِيَ الْمَذْهَبُ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَلِيلَةُ الصَّبْرِ، فَلَا يُؤْمَنُ تَهْيِيجُ حُزْنِهَا بِرُؤْيَةِ الْأَحِبَّةِ، فَيَحْمِلُهَا عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ، وَالثَّانِيَةُ: يُبَاحُ؛ لِأَنَّ «عَائِشَةَ زَارَتْ قَبْرَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَقَالَ لَهَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَلَيْسَ كَانَ نُهِيَ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، ثُمَّ أُمِرَ بِزِيَارَتِهَا» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ لَعَنَ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَكَمَا لَوْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تَقَعُ فِي مُحَرَّمٍ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ مَعَ تَأْثِيمِهِ بِظَنِّ وُقُوعِ النَّوْحِ، وَلَا فَرْقَ، وَلَمْ يُحَرِّمْ هُوَ وَغَيْرُهُ دُخُولَ الْحَمَّامِ إِلَّا مَعَ الْعِلْمِ الْمُحَرَّمِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ ـ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَقُولَ إِذَا زَارَهَا أَوْ مَرَّ بِهَا: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ» كَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَالسَّلَامُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>