مِنَ الزَّكَاةِ عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا فَلَا تَسْقُطُ. وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ، بَنَى عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَثْمَانِ الْعُرُوضُ؛ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ وِفَاقًا، وَفِي عَطْفِهِ الْإِبْدَالَ عَلَى الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا غَيْرَانِ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: الْمُبَادَلَةُ هَلْ هِيَ بَيْعٌ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّهُ بِجَوَازِ إِبْدَالِ الْمُصْحَفِ لَا بَيْعِهِ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ: الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ، وَالْمُبَادَلَةُ مُعَاطَاةٌ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا عَبَّرَ بِالْبَيْعِ، وَبَعْضٌ بِالْإِبْدَالِ، وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ.
فَرْعٌ: لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فِي أَمْوَالِ الصَّيَارِفَةِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إِلَى سُقُوطِهَا فِيمَا يَنْمُو، وَوُجُوبِهَا فِي غَيْرِهِ، وَالْأُخْرَى يَقْتَضِي الْعَكْسَ (إِلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ الْفِرَارَ مِنَ الزَّكَاةِ عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا فَلَا تَسْقُطُ) وَيَحْرُمُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [القلم: ١٧] ، فَعَاقَبَهُمْ تَعَالَى بِذَلِكَ لِفِرَارِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إِسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ، كَالْمُطَلِّقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَشَرَطَ الْمُؤَلِّفُ وَجَمَاعَةٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِنْدَ قُرْبِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ قَصْدِ الْفِرَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، أَوْ وَسَطِهِ؛ لِأَنَّهَا بَعِيدَةٌ أَوْ مُنْتَفِيَةٌ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ، وَقِيلَ: أَوْ بِشَهْرَيْنِ لَا أَزْيَدَ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْهَا أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا، أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ، وَحُكْمُ الْإِتْلَافِ كَذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ يُزَكِّي مِنْ جِنْسِ الْمَبِيعِ لِذَلِكَ الْحَوْلِ، وَفِي " مُفْرَدَاتِ " أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يَسْقُطُ بِالتَّحَيُّلِ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ كَمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّحَيُّلِ فِيهِ.
فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَى عَدَمَ الْفِرَارِ، وَثَمَّ قَرِينَةٌ، عُمِلَ بِهَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ أَبْدَلَهُ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ بَنَى عَلَى حَوْلِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَالِكًا لِنِصَابٍ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ، فَوَجَبَتِ الزَّكَاةُ لِوُجُودِ شَرْطِهَا، وَإِنْ زَادَ بِالِاسْتِبْدَالِ يَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْحَوْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَنِتَاجٍ، فَلَوْ أَبْدَلَ مِائَةَ شَاةٍ بِمِائَتَيْنِ، لَزِمَهُ شَاتَانِ إِذَا حَالَ حَوْلُ الْمِائَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَسْتَأْنِفُ لِزَائِدٍ حَوْلًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذا أَبْدَلَهُ بِدُونِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute