خَمْسِينَ حِقَّةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحَقَاقَ، وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ، فَعَدِمَهَا، أَخْرَجَ سِنًّا أَسْفَلَ مِنْهَا، وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرِونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِي، فَإِنْ عَدِمَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْوُجُوبُ (ثُمَّ) تَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ (فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي خَمْسِينَ حِقَّةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ لِخَبَرِ الصِّدِّيقِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْهُ: لَا يَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ إِلَّا إِلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ فَتَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ، فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْآجُرِّيُّ، لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنْ صَحَّ، عُورِضَ بِرِوَايَتِهِ الْأُخْرَى، وَبَّمَا هو أَكْثَرُ مِنْهُ، وَأَصَحُّ (فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ، اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَرْبَعَ حِقَاقٍ، وَإِنْ شَاءَ خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ) هَذَا الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْبَقَرِ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِلْأَخْبَارِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: مَا لَمْ يَكُنِ الْمَالُ لِيَتِيمٍ أَوْ مَجْنُونٍ، فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ إِخْرَاجُ الْأَدْوَنِ الْمُجْزِئِ، فَلَوْ جُمِعَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ فِي الْإِخْرَاجِ، كَأَرْبَعِ حِقَاقٍ، وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ، جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ، أَمَّا مَعَ الْكَسْرِ، فَلَا، كَحِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفٍ عَنْ مِائَتَيْنِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ؛ وَهُوَ ضَعْفٌ.
فَرْعٌ: إِذَا وُجِدَ أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ كَامِلًا، وَالْآخَرُ نَاقِصًا، لَا بُدَّ لَهُ مِنْ جُبْرَانٍ يُعَيِّنُ الْكَامِلَ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ (وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يُخْرِجُ الْحِقَاقَ) أَيْ: يَجِبُ إِخْرَاجُهَا، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي " الشَّرْحِ " نَظَرَا لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ، إِذْ هِيَ أَنْفَعُ لَهُمْ لِكَثْرَةِ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا، وَأَوَّلَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " النَّصَّ عَلَى صِفَةِ التَّخَيُّرِ، وَقَدَّمَ فِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ ": أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهَا، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَأْخُذُ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهَا، وَمُرَادُهُمْ: لَيْسَ لِلسَّاعِي تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ سَبَبُهَا النِّصَابُ، فَاعْتُبِرَتْ بِهِ (وَلَيْسَ فِيمَا بَيْنُ الْفَرِيضَتَيْنِ شَيْءٌ) وَتُسَمَّى الْأَوْقَاصُ؛ لِعَفْوِ الشَّارِعِ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ سِنٌّ فَعَدِمَهَا) لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلَهَا، وَخُيِّرَ الْمَالِكُ، فَإِنْ شَاءَ (أَخْرَجَ سنا أَسْفَلَ مِنْهَا، وَمَعَهَا شَاتَانِ، أَوْ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ أَعْلَى مِنْهَا، وَأَخَذَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ السَّاعِي) هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute