الْجَوْهَرِ وَالصُّفْرِ وَالزِّئْبَقِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالْكُحْلِ وَالزَّرْنِيخِ وَسَائِرِ مَا يُسَمَّى مَعْدِنًا، فَفِيهِ الزَّكَاةُ فِي الْحَالِ رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ مِنْ عَيْنِهَا إِنْ كَانَتْ أَثْمَانًا؛ سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ فِي دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ، لَمْ يَتْرُكِ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إِهْمَالٍ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِأَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ فِيمَا دُونَ نِصَابِ الْأَثْمَانِ، ثُمَّ مَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (مِنَ الْجَوْهَرِ، وَالصُّفْرِ، وَالزِّئْبَقِ، وَالْقَارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالزَّرْنِيخِ، وَسَائِرِ مَا يُسَمَّى مَعْدِنًا) كَالْبِلَّوْرِ، وَالْعَقِيقِ، وَالْحَدِيدِ، وَالْكِبْرِيتِ، وَالْمَغْرَةِ، وَنَحْوِهَا (فَفِيهِ الزَّكَاةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] ، وَلِمَا رَوَى رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمَعَادِنَ الْقِبْلِيَّةَ قَالَ: فَتِلْكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاةُ إِلَى الْيَوْمِ» رَوَاهُ مَالِكٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَحْرُمُ عَلَى أَغْنِيَاءَ ذَوِي الْقُرْبَى، فَفِيهِ الزَّكَاةُ لَا الْخُمُسُ كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِعْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا: «لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ» إِنْ صَحَّ، فَمَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْجَارِ الَّتِي لَا يُرْغَبُ فِيهَا عَادَةً، فَدَلَّ أَنَّ الرُّخَامَ مَعْدِنٌ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، قَالَ الْأَصْحَابُ: الطِّينُ والماء غير مَرْغُوبٌ فِيهِ، فَلَا حَقَّ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ الطِّينَ تُرَابٌ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَمْ أَسْمَعْ فِي مَعْدِنِ النَّارِ، وَالنِّفْطِ، وَالْكُحْلِ، وَالزَّرْنِيخِ شَيْئًا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عَنْ غَيْرِ الْمُنْطَبِعِ (فِي الْحَالِ) لِأَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْأَرْضِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ حَوْلٌ كَالزَّرْعِ (رُبْعُ الْعُشْرِ) مِنْ عَيْنِ أَثْمَانٍ أَوْ (مِنْ قِيمَة) مِنْ غَيْرِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ بِظُهُورِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " وَ " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " وَغَيْرِهِمَا، كَالثَّمَرَةِ (سَوَاءٌ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ دُفْعَةٍ أَوْ دُفُعَاتٍ، لَمْ يَتْرُكِ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إِهْمَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَأَدَّى إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ اسْتِخْرَاجُ نِصَابٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute