للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوَاجِدِهِ إِنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا، وَإِنْ عُلِمَ مَالِكُهَا أَوْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كُلْفَةٍ، وَاعْتُبِرَ لَهُمَا النِّصَابُ تَحْقِيقًا، وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي مَصْرِفِهِ، فَرَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ (لِأَهْلِ الْفَيْءِ) اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ " وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْمُغْنِي " لِفِعْلِ عُمَرَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ لِخُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَصْرِفِ الْغَنِيمَةِ، بَلِ الْفَيْءُ الْمُطْلِقُ لِلْمَصَالِحِ كُلِّهَا (وَعَنْهُ: أَنَّهُ زَكَاةٌ) نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ "؛ لِأَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ صَاحِبَ الْكَنْزِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْخُمُسِ عَلَى الْمَسَاكِينِ؛ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ مِنَ الْأَرْضِ كَالْمَعْدِنِ، فَيُصْرَفُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ فَيْءٌ، إِلَّا إِذَا كَانَ عَبْدًا فَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كسب مَالُهُ، كَالِاحْتِشَاشِ، وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ زَكَاةٌ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَيَمْلِكُهُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَيُخْرِجُهُ عَنْهُمَا وَلِيُهِمَّا، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ وَجُوبَهَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ لِوَاجِدِهِ تَعْرِفَتُهُ بِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ قُلْنَا إِنَّهُ زَكَاةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْكَافِي " لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يُضْمَنُ؟ وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِه والْمَعْدِنِ إِمْسَاكُ الْحَقِّ لِنَفْسِهِ لِحَاجَةٍ (وَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ) لِفِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا دَفَعَا بَاقِيَ الرِّكَازِ لِوَاجِدِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ مَظْهُورٍ عَلَيْهِ، فَكَانَ لِوَاجِدِهِ بَعْدَ الْخُمُسِ كَالْغَنِيمَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِنَا، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَجِيرًا لِطَلَبِهِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ سِوَى الْأُجْرَةِ (إِنْ وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ كَالصَّيْدِ مِنْهَا (أَوْ أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ مَالِكُهَا) كَالْأَرْضِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا آثَارُ الْمِلْكِ مِنَ الْأَبْنِيَةِ الْقَدِيمَةِ، وَجُدْرَانِ الْجَاهِلِيَّةِ وَقُبُورِهِمْ، وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِهَا، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " أَوْ قَرْيَةٍ خَرَابٍ أَوْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا قَالَ: «وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، وَلَا فِي قَرْيَةٍ عَامِرَةٍ، فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>