للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ، وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ كُلُّ مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ؛ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ بَلَغَ أَلْفَ مِثْقَالٍ حَرُمَ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالْحِكْمَةُ فِي الذَّهَبِ لَا يَصْدَأُ، بِخِلَافِ الْفِضَّةِ (وَمَا رَبَطَ بِهِ أَسْنَانَهُ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَأَبِي حَمْزَةَ الضُّبَعِيِّ، وَأَبِي رَافِعٍ، وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيلِ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ؛ وَهِيَ ضَرُورَةٌ، فَأُبِيحَ كَالْقَبِيعَةِ بَلْ أَوْلَى، وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ فِي الْأُنْمُلَةِ كَالسِّنِّ. وَظَاهِرُهُ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ يَسِيرُ ذَلِكَ مُنْفَرِدًا كَالْأُصْبُعِ وَالْخَاتَمِ إِجْمَاعًا، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتَهُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ إِبَاحَتَهُ (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ) مُطْلَقًا، لِقَوْلِهِ: نُهِيَ عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ إِلَّا مُقَطَّعًا، وَقِيلَ: يُبَاحُ فِي سِلَاحٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُبِيحَ تَحْلِيَتُهُ بِفِضَّةٍ أُبِيحَ بِذَهَبٍ، وَكَذَا تَحْلِيَةُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ بِهِ، وَالصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ كَالْكَثِيرِ لِلْعُمُومِ، وَلِمَا رَوَى أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ؛ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَصْلُحُ مِنَ الذَّهَبِ شَيْءٌ، وَلَا خَرْبَصِيصَةَ» انْتَهَى؛ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْحُلِيِّ بِقِدْرِ عَيْنِ الْجَرَادَةِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ سَرَفًا (وَيُبَاحُ لِلنِّسَاءِ كُلُّ مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ) كَالطَّوْقِ مِنَ الْحِلَقِ، وَالْخَلْخَالِ، وَالسُّوَارِ، وَالْقُرْطِ فِي الْأُذُنِ، وَظَاهِرُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ.

قَالَ الْأَصْحَابُ: وَمَا فِي الْمَخَانِقِ، وَالْمَقَالِدِ مِنْ حَرَائِرَ وَتَعَاوِيذَ.

قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالتَّاجُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلْإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إِلَى التَّجَمُّلِ وَالتَّزَيُّنِ لِزَوْجِهَا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ بِالذَّهَبِ، وَالنِّعَالِ الذَّهَبِ، لَا يُبَاحُ لَهُنَّ لِانْتِفَاءِ التَّجَمُّلِ، فَلَوِ اتَّخَذَتْهُ حَرُمَ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ (قَلَّ أَوْ كَثُرَ) ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَبَاحَ لَهُنَّ التَّحَلِّي مُطْلَقًا، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ بَلَغَ أَلْفَ مِثْقَالٍ حَرُمَ، وَفِيهِ الزَّكَاةُ) لِمَا رَوَى أَبُو عَبِيدٍ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْهُ أَيْضًا؛ وَلِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ في الاستعمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>