أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الْوُضُوءَ أَوِ الْغُسْلَ، فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا، فَهَلْ يَرْتَفِعُ سَائِرُهَا؛ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى أَوَّلِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ، وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعِ الْوَاجِبُ حَصَلَ الْمَسْنُونُ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ الْوَاجِبُ لِأَنَّهُ أَعْلَى، فَإِنْ نَوَاهُمَا حَصَلَا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَإِنِ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الْوُضُوءَ أَوِ الْغُسْلَ) مُتَنَوِّعَةٌ قِيلَ: مَعًا، وَقِيلَ: أَوْ مُتَفَرِّقَةٌ (فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا) وَقِيلَ: وَعَلَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُهُ (فَهَلْ يَرْتَفِعُ سَائِرُهَا) أَيْ: بَاقِيهَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ذَكَرَ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْجَمِيعِ إِلَّا الْجَوْهَرِيَّ، وَهُوَ وَهْمٌ (عَلَى وَجْهَيْنِ) أَحَدُهُمَا: يَرْتَفِعُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّ الْأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الْبَعْضُ ارْتَفَعَ الْجَمِيعُ، وَالْآخَرُ لَا يَرْتَفِعُ إِلَّا مَا نَوَاهُ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ أَشْبَهَ مَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَعَلَى قَوْلِهِ إِذَا اغْتَسَلَتْ مَنْ هِيَ حَائِضٌ جُنُبٌ لِلْحَيْضِ، حَلَّ وَطْؤُهَا دُونَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحُرْمَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، إِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا، وَنَوَاهُ ارْتَفَعَ عَنِ الْمَنْوِيِّ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِيهِ وَجْهٌ: يُجْزِئُ نِيَّةُ حَيْضٍ عَنْ جَنَابَةٍ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَرْتَفِعُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَيُجْزِئُ فِي غَيْرِهِمَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا نَوَى الْجَمِيعَ ارْتَفَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ إِلَّا غُسْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ، وَالْإِنْزَالَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute