للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُجُوعَ السَّاعِي عَلَيْهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا جَهْلًا، عُرِّفَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَصَرَّ كَفَرَ، وَأُخِذَتْ مِنْهُ، وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ، وَمَنْ مَنَعَهَا بُخْلًا بِهَا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تضمن إِذَا تَلِفَ الْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ لِتَعَدِّيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِخْرَاجُ، كَمَنْ مُنِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِ، أَوْ لَمْ يَجِدِ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا وَنَحْوِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَكَلَامُهُ مُشْعِرٌ بِجَوَازِ تَأْخِيرِهَا عن غير وَقْتَ وُجُوبِهَا؛ وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ، (إِلَّا لِضَرَرٍ) ، فَيَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، (مِثْلُ أَنْ يَخْشَى رُجُوعَ السَّاعِي عَلَيْهِ) إِذَا أَخْرَجَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ (وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَمَا إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الضَّرَرِ، وَإِذَا جَازَ تَأْخِيرُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ فَهِيَ أَوْلَى، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِحَاجَةِ الْمَالِكِ إِلَيْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، وَقَيَّدَهَا جَمَاعَةٌ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ وَاجِبٍ لِمَنْدُوبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْمَنْعُ، وَكَذَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا لِقَرِيبٍ فِي الْأَشْهَرِ، وَجَارٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يُعْطِيَ قَرِيبَهُ كُلَّ شَهْرٍ شَيْئًا، وَحَمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى تَعْجِيلِهَا.

قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْكُلُّ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِ.

فَرْعٌ: يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالسَّاعِي تَأْخِيرُهَا عِنْدَ رَبِّهَا، لِعُذْرِ قَحْطٍ وَنَحْوِهِ، احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عُمَرَ (فَإِنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا جَهْلًا) بِهِ، وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ لِقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عَلَيْهِ (عُرِّفَ ذَلِكَ) أَيْ: عُرِّفَ وُجُوبَهَا لِيَرْجِعَ عَنِ الْخَطَأِ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، (فَإِنْ أَصَرَّ) أَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ (كَفَرَ) إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخْرَجَهَا، (وَأُخِذَتْ مِنْهُ) لِوُجُوبِهَا قَبْلَ كُفْرِهِ، فَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ كَالدَّيْنِ.

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": إِنْ كَانَ وَجَبَتْ وَلَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيهِ (وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثًا) كَالْمُرْتَدِّ، (فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>