للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تُجْزِئُهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، فَإِنْ دَفَعَهَا إِلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْمُزَكَّى عَنْهُ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ: تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَالُ، كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَأَجْزَأَ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: إِنْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنِ الْحَاضِرِ، أَجْزَأَ عَنْهُ إِنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ؛ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا، وَإِنْ أَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ لِتَعْيِينِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَجْزَأَ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ نَوَى عَنِ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إِلَى غَيْرِهِ، كَعِتْقٍ فِي كَفَّارَةِ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ تَكُنْ، وَإِنْ نَوَى عن الْغَائِبَ إِنْ كَانَ سَالِمًا أَوْ نَوَى وَإِلَّا فَنَفْلٌ، أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَضُرَّ التَّقْيِيدُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ، وَالْأَوْلَى مُقَارَنَتُهَا لِلدَّفْعِ، وَلَهُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَالصَّلَاةِ، وَفِي " الرَّوْضَةِ " تُعْتَبَرُ عِنْدَ الدَّفْعِ، وَلَوْ حَرَّكَهَا لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ (إِلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا الْإِمَامُ مِنْهُ قَهْرًا) قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " فَإِنَّهَا تُجْزِئُ بِغَيْرِ نِيَّةِ رَبِّ الْمَالِ فِي الظَّاهِرِ بِلَا تَرَدُّدٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِأَدَائِهَا ثَانِيًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُجْزِئُ فِي الْبَاطِنِ؛ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى الْمُمْتَنِعِ، فَقَامَتْ نِيَّتُهُ مَقَامَ نِيَّةِ الْمَالِكِ، كَوَلِيِّ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ.

الثَّانِي، وَقَالَهُ الْقَاضِي: إِنَّهَا تُجْزِئُ إِذَا أَخَذَهَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ كَالْقِسْمَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ) وَابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ "، وَاخْتَارَهُ حَفِيدُهُ: (لَا تُجْزِئُهُ - أَيْضًا - مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إِمَّا وَكِيلُهُ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ، وَكَالصَّلَاةِ، فَعَلَى هَذَا يَقَعُ نَفْلًا مِنَ الطَّائِعِ وَيُطَالَبُ بِهَا، وَيُجْزِئُ لِلْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا كَالْمُصَلِّي مُكْرَهًا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْمَالِ، وَلَا يَصِحُّ إِلْحَاقُ الزَّكَاةِ بِالْقِسْمَةِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عِبَادَةً، وَلَا تُعْتَبَرُ لَهَا نِيَّةٌ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إِذْنَهُ مِنْهُ، وَلَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ.

فَرْعٌ: لَوْ غَابَ الْمَالِكُ أَوْ تَعَذَّرَ إِذْنُهُ لِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ، فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَالِهِ أَجْزَأَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةُ أَخْذِهَا إِذَنْ، وَنِيَّةُ الْمَالِكِ مُتَعَذِّرَةٌ بِمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، كَصَرْفِ الْوَلِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>