إِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِي أَوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ، رَجَعَ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَلَمْ يَمْلِكِ اسْتِرْجَاعَهَا لِوُقُوعِهَا نَفْلًا، بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ إِعْلَامِ الْآخِذِ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ أَوْ لَا، وَالثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ، اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، كَمَا لَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَأْجُورُ، وَكَعِتْقِهِ عَنْ كَفَّارَةٍ لَمْ تَجِبْ، فَلَمْ تَجِبْ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ السَّاعِي عِنْدَ التَّلَفِ، وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ الدَّافِعُ وَلِيَّ رَبِّ، الْمَالِ رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ رَبَّ الْمَالِ، وَدَفَعَ إِلَى السَّاعِي مُطْلَقًا، رَجَعَ فِيهَا مَا لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَى الْفَقِيرِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إِنْ كَانَ الدَّافِعُ السَّاعِي) رَجَعَ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ: (أَوْ أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْقَابِضُ مِنَ الْحَالِ الثَّانِي، وَإِذَا طَرَأَ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِحْقَاقَ، وَجَبَ رَدُّهُ، كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْجُرْحِ فَانْدَمَلَ، وَلَمْ يَمُتِ الْمَجْرُوحُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى رَبِّ الْمَالِ؛ وَهُوَ الَّذِي فِي " الشَّرْحِ " فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: لَوْ أَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ السَّاعِيَ بِالتَّعْجِيلِ وَدَفَعَ إِلَى الْفَقِيرِ، رَجَعَ عَلَيْهِ، أَعْلَمَ السَّاعِيَ، أَوْ لَا، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ حَامِدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى الدَّافِعِ، فَعَلَى هَذَا تَقْدِيرُهُ: إِذَا أَعْلَمَ الدَّافِعُ الْفَقِيرَ بِأَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ، رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَتَى كَانَ رَبُّ الْمَالِ صَادِقًا، فَلَهُ الرُّجُوعُ بَاطِنًا، أَعْلَمَهُ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ لَا، لَا ظَاهِرًا مَعَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالرُّجُوعِ إِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِالْمُنْفَصِلَةِ، كَرُجُوعِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ الْمُسْتَرِدِّ عَيْنَ مَالِهِ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً ضَمِنَ نَقْصَهَا فِي الْأَصَحِّ كَجُمْلَتِهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعْجِيلِ، وَالْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ يَوْمَ التَّلَفِ عَلَى صِفَتِهَا يَوْمَ التَّعْجِيلِ.
فَرْعٌ: إِذَا اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ التَّعْجِيلِ، صُدِّقَ الْآخِذُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَيَحْلِفُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ مَاتَ وَادَّعَى عِلْمَ وَارِثِهِ، فَفِي يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ الْخِلَافُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute