للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْغَازِي مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِغَزْوِهِ، وَإِنْ كَثُرَ، وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَمَنْ كَانَ ذَا عِيَالٍ أَخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ، وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ الْغِنَى إِلَّا أَرْبَعَةٌ: الْعَامِلُ وَالْمُؤَلَّفُ وَالْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَالْغَازِي، وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْغَارِمِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ شَيْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ لَزِمَهُمْ رَدُّهُ، وَالْبَاقُونَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَالْغَازِي مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِغَزْوِهِ) مِنْ سِلَاحٍ وَفَرَسٍ إِنْ كَانَ فَارِسًا وَحُمُولَتِهِ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُهُ لَهُ ولغزوه، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ نِصَابٍ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الدَّفْعِ الْحَاجَةُ، (وَلَا يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِلْحَاجَّةِ فَيَتَقَيَّدُ بِهَا (وَمَنْ كَانَ ذَا عِيَالٍ أَخَذَ مَا يَكْفِيهِمْ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى ذَلِكَ كَالْأَخْذِ لِنَفْسِهِ (وَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ الْغِنَى) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا ذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.

فَائِدَةٌ: الْمِرَّةُ: الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ، وَالسَّوِيُّ: الْمُسْتَوِي الْخَلْقِ التَّامُّ الْأَعْضَاءِ.

(إِلَّا أَرْبَعَةٌ: الْعَامِلُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، (وَالْمُؤَلَّفُ) ؛ لِأَنَّ إِعْطَاءَهُمْ لِمَعْنًى يَعُمُّ نَفْعُهُ كَالْغَازِي، (وَالْغَارِمُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) مَا لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا مِنْ مَالِهِ، (وَالْغَازِي) لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، إِلَّا لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا، أَوْ لِغَارِمٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّهُ يُقَالُ: جَعَلَ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ صِنْفَيْنِ، وَعَدَّ بَعْدَهُمَا بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ، وَلَمْ يَشْرُطْ فِيهِمُ الْفَقْرَ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ مَعَ الْغِنَى، وَخَالَفَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْغَارِمِ، وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَاقِينَ يُشْتَرَطُ فِيهِمُ الْحَاجَةُ، وَابْنُ السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِي بَلَدِهِ، فَهُوَ الْآنَ كَالْمَعْدُومِ، (وَإِنْ فَضَلَ مَعَ الْغَارِمِ وَالْمُكَاتَبِ) حَتَّى وَلَوْ سَقَطَ مَا عَلَيْهِمَا بِبَرَاءَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَالْغَازِي وَابْنِ السَّبِيلِ شَيْءٌ بَعْدَ حَاجَتِهِمْ لَزِمَهُمْ رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ زَالَ، فَيَجِبُ رَدُّ الْعَامِلِ لِزَوَالِ الْحَاجَةِ، فَهَؤُلَاءِ أَخْذُهُمْ مُرَاعًى، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَصْرِفُوهُ فِي حَاجَتِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَرْجَعُ مِنْهُمْ بِكُلِّيَّتِهِ لِبُطْلَانِ وُجُودِ الِاسْتِحْقَاقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>