للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَآهُ جَلْدًا، وَذَكَرَ أَنْ لَا كَسْبَ لَهُ، أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ بَعْدِ أَنْ يُخْبِرَهُ أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ، وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا قُبِلَ وَأُعْطِيَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمَنْ غَرِمَ، أَوْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ، لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَابَ، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ، فَإِذَا أَقَرَّ بِانْتِقَالِ حَقِّهِ عَنْهُ قُبِلَ، وَالْغَرِيمُ فِي مَعْنَاهُ، وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ لِجَوَازِ تَوَاطُئِهِمَا عَلَى أَخْذِ الْمَالِ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ وَهُوَ غَرِيبٌ (وَإِنِ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْغِنَى قُبِلَ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ السَّابِقَةِ، وَالظَّاهِرُ صِدْقُهُ، وَلَوْ كَانَ مُتَجَمِّلًا. ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَيُخْبِرُهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ (وَإِنْ رَآهُ جَلْدًا) أَيْ: شَدِيدًا قَوِيًّا (وَذَكَرَ أَنْ لَا كَسْبَ لَهُ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ) وِفَاقًا؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُحَلِّفْ عَلَى ذَلِكَ (بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ) عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ (أَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ «أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَاهُ شَيْئًا، " فَصَعَّدَ فِيهِمَا النَّظَرَ فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيِّ مُكْتَسِبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، لَكِنْ إِذَا تَفَرَّغَ لِلْعِلْمِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ، لَا إِنْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ. فَإِنْ رَآهُ ظَاهِرَ الْمَسْكَنَةِ أَعْطَاهُ مِنْهَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ.

فَرْعٌ: إِذَا سَأَلَهُ مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا، فَأَعْطَاهُ، قِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الدَّافِعِ فِي كَوْنِهَا فَرْضًا لِسُؤَالِهِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ لِقَوْلِهِ شَيْئًا أَنِّي فَقِيرٌ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي (وَإِنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِيَالًا قُلِّدَ وَأُعْطِيَ) قَالَهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِدْقُهُ، وَيُسَنُّ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْغَرِيبِ، وَكَمَا يُقَلَّدُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِيَالِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ لَا كَسْبَ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ، (وَمَنْ غَرِمَ) أَيْ: فِي مَعْصِيَةٍ كَشِرَاءِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةٍ) كَقَطْعِ طَرِيقٍ (لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِ) أَيْ: قَبْلَ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (فَإِنْ تَابَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>