للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّهَارَتَيْنِ، وَعَنْهُ: أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَحْدَهُ وَاجِبٌ فِيهِمَا، وَعَنْهُ: أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَالِاسْتِنْشَاقِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَوُضُوءُهُ كَانَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، فَلَزِمَ كَوْنُهُمَا مِنْ سِتٍّ، وَالْأَفْضَلُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا مِنْ غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي تَسْمِيَتِهِمَا فَرْضًا وَسُقُوطِهِمَا سَهْوًا رِوَايَتَانِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا يُسَمَّيَانِ فَرْضًا، وَلَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا (وَهُمَا وَاجِبَانِ فِي الطَّهَارَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ وَأَطْلَقَ، وَفَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِعْلِهِ وَتَعْلِيمِهِ: تَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ فِي كُلِّ وُضُوءٍ تَوَضَّأَهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الْإِخْلَالُ بِهِ مَعَ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمُجْزِئِ، وَهُوَ الْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً، وَقَوْلُهُ هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ، وَفِعْلُهُ إِذَا خَرَجَ بَيَانًا كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الْمُبَيَّنِ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَتَرَكَهُ، وَلَوْ مَرَّةً، لِتَبْيِينِ الْجَوَازِ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَمَرَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ» ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَفِي حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَتَمَضْمَضْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، وَلِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، بِدَلِيلِ أَنَّ وَضْعَ الطَّعَامِ، وَالْخَمْرِ فِيهِمَا لَا يُوجِبُ فِطْرًا، وَلَا يَنْشُرُ حُرْمَةً، وَلَا تُوجِبُ حَدًّا، وَحُصُولُ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا يُوجِبُ غَسْلُهُمَا، وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِوُصُولِهِمَا إِلَيْهِمَا، وَلَا يَشُقُّ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَيْهِمَا، بِخِلَافِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ (وَعَنْهُ: أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَحْدَهُ وَاجِبٌ فِيهِمَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» ، وَفِي لَفْظٍ: «فَلْيَسْتَنْشِقْ» .

وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ فَفِي الْغُسْلِ أَوْلَى، وَلِأَنَّ طَرَفَ الْأَنْفِ لَا يَزَالُ مَفْتُوحًا بِخِلَافِ الْفَمِ، وَقَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ (وَعَنْهُ: أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ فِي الْكُبْرَى) لِأَنَّهُ يَجِبُ إِيصَالُ الْمَاءِ فِيهَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>