. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
نَسَبِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ، كَالْأُخْتِ أَوِ الْأَخِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَالصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ؛ ولِأَنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ لَهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَمَا لَوْ تَعَذَّرَتِ النَّفَقَةُ، وَحُكْمُ الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ كَذَلِكَ، وَإِذَا قبلَ زَكَاةٌ، دَفَعَهَا إِلَيْهِ قَرِيبُهُ وَلَا نَفَقَةَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَطَالَبَ بِنَفَقَتِهِ الْوَاجِبَةِ أُجْبِرَ، وَلَا يُجْزِئْهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ جَعْلُهَا زَكَاةً.
وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ "، وَالْقَاضِي، وَذَكَرَ أَنَّها الْأَشْهَرُ لِغِنَاهُ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ؛ وَلِأَنَّ نَفْعَهَا يَعُودُ إِلَى الدَّافِعِ؛ لِكَوْنِهِ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْهُ كَعَبْدِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ إِذَا لَمْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ بِلَا رَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا، أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ، فَلَوْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَعَمَّةٍ وَابْنِ أَخِيهَا، وَعَتِيقٍ وَمُعْتِقِهِ، وَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ، فَالْوَارِثُ مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي دَفْعِ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ الْخِلَافُ، وَعَكْسُهُ الْآخَرُ، فَأَمَّا ذَوُو الْأَرْحَامِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ وَرِثُوا لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ، وَفِي الْإِرْثِ بِالرَّدِّ الْخِلَافُ، وَعَلَى الْمَنْعِ يُعْطَى قَرِيبُهُ لِعُمَالَةٍ وَتَأْلِيفٍ، وَغَزْوٍ وَغُرْمٍ لِذَاتِ الْبَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: لَوْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ يَتِيمٍ، وَضَمَّهُ إِلَى عِيَالِهِ، جَازَ الدَّفْعُ إِلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي " التَّنْبِيهِ " وَ " الْإِرْشَادِ ": لَا، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ يُذَمُّ عَلَى تَرْكِهِ، فَيَكُونُ قَدْ وَقَى بِهَا مَالَهُ وَعِرْضَهُ، وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ الَّتِي عَوَّدَهُ إِيَّاهَا تَبَرُّعًا، جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى الزَّوْجِ فِي رِوَايَةٍ، اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي " الْوَجِيزِ " «لِحَدِيثِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمَّا سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُجْزِئُ عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي؟ فَقَالَ: " لَهَا أَجْرَانِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالثَّانِيَةُ، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْمَجْدُ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ قِيَاسًا لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ؛ وَلِأَنَّ النَّفْعَ يَعُودُ إِلَيْهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ أَخْذِ نَفَقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute