اغْتَسَلَ أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ، فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ بَالَغَ فِيهِمَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ. وَمَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اغْتَسَلَ) ؛ لِأَنَّهُ - «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ، وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَلِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ الْإِصْبَاحِ جُنُبًا، احْتَجَّ بِهِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ، وَلَكِنْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَغْتَسِلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَلِهَذَا لَمَّا أَخْبَرَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: هُمَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ، إِنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ فُتْيَاهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ يَوْمًا صَحَّ وَأَثِمَ، وَالْحَائِضُ كَالْجُنُبِ إِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا لَيْلًا وَنَوَتْهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي الْحَائِضِ، تُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، قَالَ: يَقْضِي، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ، وَطَاوُسٍ فِي الْجُنُبِ.
فَائِدَةٌ: لَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ، قَالَ الْمَجْدُ: لِأَنَّ فِيهِ إِزَالَةَ الضَّجَرِ مِنَ الْعِبَادَةِ، كَالْجُلُوسِ فِي الظِّلِّ الْبَارِدِ، وَغَوْصُهُ فِي الْمَاءِ كَصَبِّهِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا لَمْ يَخَفْ أَنْ يَدْخُلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ أَوْ مَسَامِعَهُ.
(أَوْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ) فِي الْوُضُوءِ، (فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ) ؛ لِأَنَّهُ وَاصِلٌ بِغَيْرِ قَصْدٍ، أَشْبَهَ الذُّبَابَ فَإِنْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ فَكَالْوُضُوءِ. (لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ) لِمَا ذَكَرْنَا، (وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) فِي أَحَدِهِمَا (أَوْ بَالَغَ فِيهِمَا) فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ (فَعَلَى وَجْهَيْنِ) كَذَا فِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " أَحَدُهُمَا: لَا يُفْطِرُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ وَاصَلَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَالثَّانِي: بَلَى؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَكْرُوهًا تَعَرَّضَ بِهِ إِلَى إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى حَلْقِهِ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْمُبَاشِرَةِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ يَبْطُلُ بِالْمُبَالَغَةِ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ، وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي الْمُجَاوَزَةِ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ فَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوِ اسْتَنْشَقَ عَبَثًا، أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ عَطَشٍ، كُرِهَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute