للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تُحَرَّكُ شَهْوَتُهُ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ الْكَذِبِ، وَالْغِيبَةِ وَالشَّتْمِ فَإِنْ شُتِمَ اسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي صَائِمٌ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ظَنَّ الْإِنْزَالَ مَعَهَا لِفَرْطِ شَهْوَتِهِ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي " الشَّرْحِ " أَيْضًا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَدْ سَبَقَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ إِجْمَاعًا (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا تُحَرَّكُ شَهْوَتُهُ) كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ (عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهَا مُبَاشَرَةٌ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَشَبَهَتْ لَمْسَ الْيَدِ لِحَاجَةٍ، وَالثَّانِيَةُ: تُكْرَهُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ، وَكَالْإِحْرَامِ، وَأَلْحَقَ فِي " الْكَافِي " بِالْقُبْلَةِ اللَّمْسَ، وَتَكْرَارَ النَّظَرِ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهَا. وَظَاهِرُهُ إِنْ لَمَسَهَا لِغَيْرِ شَهْوَةٍ لَا يُكْرَهُ وِفَاقًا، كَمَا إِذَا لَمَسَ يَدَهَا لِيَعْرِفَ مَوْضِعَهَا وَنَحْوَهُ، وَكَحَالَةِ الْإِحْرَامِ أَشْبَهَ لَمْسَ ثَوْبِهَا.

فَرْعٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَدَعَ بَقِيَّةَ طَعَامٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، وَشَمُّ مَا لَا يَأْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسُهُ إِلَى حَلْقِهِ كَسَحِيقِ مِسْكٍ، وَكَافُورٍ، وَدُهْنٍ وَنَحْوِهِ، وَقَالَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَغَيْرِهِ.

(وَيَجِبُ عَلَيْهِ اجْتِنَابُ الْكَذِبِ) وَهُوَ الْإِخْبَارُ بِمَا لَا يُطَابِقُ الْمُخْبَرَ عَنْهُ، بِخِلَافِ الصِّدْقِ (وَالْغِيبَةِ) وَهُوَ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ، بِهَذَا فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَالشَّتْمُ) وَهُوَ السَّبُّ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنَ النَّمِيمَةِ وَالْفُحْشِ إِجْمَاعًا، وَفِي رَمَضَانَ وَمَكَانٍ فَاضِلٍ آكَدُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالتَّحْذِيرُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَوْ كَانَتِ الْغِيبَةُ تُفْطِرُ مَا كَانَ لَنَا صَوْمٌ، وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ إِجْمَاعًا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجْهًا: يُفْطِرُ بِغَيْبَةٍ وَنَمِيمَةٍ، وَنَحْوِهِمَا قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: يُفْطِرُ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ، وَقَالَ أَنَسٌ إِذَا اغْتَابَ الصَّائِمُ، أَفْطَرَ، وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ، وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ: أَنَّ مَنْ شَاتَمَ فَسَدَ صَوْمُهُ لِظَاهِرِ النَّهْيِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>