أَيَّامِ الْبِيضِ وَصَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ. وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(أَيَّامَ الْبِيضِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى أَبُو ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ سُمِّيَتْ بِيضًا لِابْيِضَاضِ لَيْلِهَا كُلِّهِ بِالْقَمَرِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - تَابَ عَلَى آدَمَ، وَبَيَّضَ فِيهَا صَحِيفَتَهُ، وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ: الثَّانِي عَشَرَ بَدَلَ الْخَامِسَ عَشَرَ، وَقِيلَ: هِيَ أَوَّلُ الشَّهْرِ وَعَاشِرُهُ وَعِشْرُونَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَصْحَابُنَا بِاسْتِحْبَابِ السُّودِ، وَهِيَ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ، وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِاسْتِحْبَابِهِ، (وَصَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «هُمَا يَوْمَانِ تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِيهِمَا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَسُمِّيَا بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ثَانِي الْأُسْبُوعِ، وَالْآخَرَ خَامِسُهُ، (وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالَ) كَذَا فِي النُّسَخِ بِغَيْرِ تَاءٍ، وَالْمُرَادُ: الْأَيَّامُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُغَلِّبُ فِي التَّارِيخِ اللَّيَالِي عَلَى الْأَيَّامِ (كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) كَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَقَوَّاهُ آخَرُونَ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَإِلَيْهِ مَالَ أَحْمَدُ: إِنَّهُ مَوْقُوفٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَكَذَا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَفِيهِ سِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْفَضْلَ حَصَلَ بِهِ بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ.
لَا يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ فِي الْخَبَرِ عَلَى فَضِيلَتِهَا لِكَوْنِهِ شَبَّهَ صِيَامَهَا بِصِيَامِ الدَّهْرِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كُرِهَ صَوْمُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الضَّعْفِ، وَالتَّشَبُّهِ بِالتَّبَتُّلِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ لِاسْتِغْرَاقِهِ الزَّمَنَ بِالْعِبَادَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَبَرِ: التَّشْبِيهُ فِي حُصُولِ الْعِبَادَةِ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute