سَنَتَيْنِ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ، وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَفْضَلُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَنْ، وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَدْ جَرَّبْنَا مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ سِتِّينَ فَمَا رَأَيْنَا إِلَّا خَيْرًا.
(وَيَوْمُ عَرَفَةَ) وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سُمِّيَ بِهِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَتَعَارُفِهِمْ فِيهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَرَّفَ إِبْرَاهِيمَ الْحَجَّ، وَقِيلَ: لِلرُّؤْيَا الَّتِي رَآهَا، وَقِيلَ: لِتَعَارُفِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِهَا (كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ) لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ مَرْفُوعًا قَالَ: «صِيَامُ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبَلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» ، وَقَالَ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ: «إِنِّي أحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلَعَلَّ مُضَاعَفَةَ التَّكْفِيرِ عَلَى عَاشُورَاءَ؛ لِأَنَّ نَبِيَّنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُعْطِيَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ: تَكْفِيرُ الصَّغَائِرِ. حَكَاهُ فِي " شَرْحِ مُسْلِمٍ " عَنِ الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَغَائِرُ، رُجِيَ التَّخْفِيفُ مِنَ الْكَبَائِرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، رُفِعَتْ لَهُ دَرَجَاتٌ، (وَلَا يُسْتَحَبُّ) صَوْمُهُ (لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ) لِمَا «رَوَتْ أُمُّ الْفَضْلِ أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَخْبَرَ ابْنُ عُمَرَ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَصُمْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُ عَنِ الدُّعَاءِ فَكَانَ تَرْكُهُ أَفْضَلَ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ أَضْيَافُ اللَّهِ وَزُوَّارُهُ، وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إِلَّا أَنْ يُضْعِفَهُ عَنِ الدُّعَاءِ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ إِمَامِنَا نَحْوَهُ. قَالَ الْمَجْدُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، وَالْقَارِنِ إِذَا عَدِمَا الْهَدْيَ، وَسَيَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute