للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزَ صَوْمُ يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ عَنْ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ، وَإِنْ قَصَدَ صِيَامَهُمَا كَانَ عَاصِيًا وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَرْضٍ، وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَفِي صَوْمِهَا عَنْ فَرْضٍ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(وَ) يُكْرَهُ (يَوْمُ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ) هُمَا عِيدَانِ لِلْكُفَّارِ قَالَ: الزَّمَخْشَرِيُّ النَّيْرُوزُ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ شَهْرِ الرَّبِيعِ، وَالْمِهْرَجَانُ: الْيَوْمُ التَّاسِعُ عَشَرَ مِنَ الْخَرِيفِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْكُفَّارِ مِنْ تَعْظِيمِهِمَا، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ عَدَمَهَا لِأَنَّهُمْ لَا يُعَظِّمُونَهُ بِالصَّوْمِ كَالْأَحَدِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يُكْرَهُ صَوْمُ كُلِّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ أَوْ يَوْمٍ يُفْرِدُونَهُ بِالتَّعْظِيمِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ (إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً) هُوَ رَاجِعٌ إِلَى صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَهَا أَثَرٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تُقَدِّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إِلَّا رَجُلًا كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

مَسْأَلَةٌ: يُكْرَهُ الْوِصَالُ وَهُوَ أَنْ لَا يُفْطِرَ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَوِ الْأَيَّامِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُبَاحٌ لَهُ، وَلَا يُكْرَهُ إِلَى السَّحَرِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَتَرْكُهُ أَوْلَى.

(وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمَيِ الْعِيدَيْنِ) إِجْمَاعًا لِلنَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ (عَنْ فَرْضٍ وَلَا تَطَوُّعٍ) لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ مَعَ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نهي عَنْهُ لِأَنَّهُمْ أَضْيَافُ اللَّهِ، وَقَدْ دَعَاهُمْ، فَالصَّوْمُ تَرْكُ إِجَابَةِ الدَّاعِي، وَمِثْلُهُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بِخِلَافِ النَّفْلِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ الثَّوَابُ، فَنَافَتْهُ الْمَعْصِيَةُ، وَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ النَّفْلُ فِي غَصْبٍ.

وَفِي " الْوَاضِحِ " رِوَايَةٌ يَصِحُّ عَنْ نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «لَا يَصْلُحُ الصِّيَامُ فِي يَوْمَيْنِ» (وَإِنْ قَصَدَ صِيَامَهُمَا كَانَ عَاصِيًا) ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فِعْلَ الْحَرَامِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْصِي حَيْثُ فَقَدَ الْقَصْدَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ الْمُخَالَفَةَ فَلَمْ يُوصَفْ بِهِ، (وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَرْضٍ) ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَهُوَ لَا يُجَامِعُ إِلَّا الْإِجْزَاءَ، وَحُكْمُ التَّطَوُّعِ كَذَلِكَ، (وَلَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) تَطَوُّعًا لِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>