للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ إِلَّا الْمَسَاجِدَ الثَّلَاثَةَ.

وَأَفْضَلُهَا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ، وَهَذَا لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا. وَظَاهِرُ " الْمُحَرَّرِ " صِحَّتُهُ فِيهِ قَالَ: وَإِنَّمَا كُرِهَ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ حَيْثُ لَمْ يَحْتَفِظْ بِخِبَاءٍ نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسَاجِدِ، وَيَضْرِبْنَ لَهُنَّ فِيهَا الْخِيَمَ.

قُلْتُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرَّجُلُ كَهِيَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ لَا إِلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ.

مَسْأَلَةٌ: رَحْبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ مِنْهُ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَعَنْهُ: بَلَى جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي كَظَهْرِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ: إِنْ كَانَ عَلَيْهَا حَائِطٌ وَبَابٌ فَهِيَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَنَارَتُهُ إِنْ كَانَتْ فِيهِ أَوْ بَابُهَا فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ بِدَلِيلِ مَنْعِ الْجُنُبِ، وَإِنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهِيَ قَرِيبَةٌ فَخَرَجَ لِلْأَذَانِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْبَنَّا وَالْمَجْدُ خِلَافَهُ.

(وَالْأَفْضَلُ الِاعْتِكَافُ فِي الْجَامِعِ إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ) لِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهَا فَيَتْرُكَ الِاعْتِكَافَ، مَعَ إِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَلِأَنَّهُ خرج لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فكأنه استثنى الجمعة بِلَفْظِهِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " وَجْهٌ يَلْزَمُ فَإِنِ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ بَطَلَ بِخُرُوجِهِ إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَكِنْ إِنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْجُمُعَةِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ فِيمَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَقَطْ لَمْ يَصِحَّ إِنْ وَجَبَتِ الْجَمَاعَةُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجُمُعَةَ إِذَا لَمْ يَتَخَلَّلِ اعْتِكَافُهُ لَمْ يَكُنِ الْجَامِعُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخُرُوجِ، وَلَوِ اعْتَكَفَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ فِي مَسْجِدٍ لَا يُصَلّي فِيهِ بَطَلَ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ.

(وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلَهُ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَوْضِعًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ، وَيَبْطُلْ بِبِقَاعِ الْحَجِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ تَعَيَّنَ احْتَاجَ إِلَى شَدِّ رَحْلٍ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ إِلَّا «مَسْجِدَ قُبَاءٍ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>