للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجْزِئُهُمَا إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ وَيُعْتَقَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا فَيُجْزِئُهُمَا، وَيُحْرِمُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُحْرِمُ عَنْهُ وَلِيُّهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ شُعْبَةَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَلِأَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا، فَلَمْ يُجْزِئْهُمَا إِذَا صَارَا مِنْ أَهْلِهِ كَالصَّبِيِّ يُصَلِّي ثُمَّ يَبْلُغُ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا شُذُوذًا، بَلْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِجْمَاعًا.

تَنْبِيهٌ: الْمُكَاتَبُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ (إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ) الصَّبِيُّ، (وَيُعْتَقَ) الْعَبْدُ (فِي الْحَجِّ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَفِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا فَيُجْزِئُهُمَا) لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِالنُّسُكِ حَالَ الْكَمَالِ فَأَجْزَأَهُمَا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَاسْتَدَلَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ حَجَّتُهُ، وَإِنْ أُعْتِقَ بِجَمْعٍ لَمْ يُجْزِئْ عَنْهُ، لَكِنْ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ عَرَفَةَ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ، وَلَوْ أَقَلُّ جُزْءٍ عَادَ فَوَقَفَ بِهَا، أَجْزَأَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ أَحْرَمَ إِذَنْ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا يُعْتَدُّ بِإِحْرَامٍ وَوُقُوفٍ مَوْجُودَيْنِ إِذَنْ، وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ لَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا، وَقَالَ الْمَجْدُ وَآخَرُونَ: يَنْعَقِدُ إِحْرَامُهُ مَوْقُوفًا فَإِذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ تَتَبَيَّنُ فَرِيضَتُهُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا فَرْقَ فِي وُجُودِ ذَلِكَ قَبْلَ السَّعْيِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقُلْنَا بِعَدَمِ رُكْنِيَّتِهِ أَوْ سَعَى وَقُلْنَا بِرُكْنِيَّتِهِ، ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِحُصُولِ الرُّكْنِ الْأَعْظَمِ، وَهُوَ الْوُقُوفُ، وَتَبَعِيَّةُ غَيْرِهِ لَهُ، وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمَجْدُ، وَفِي " الْمُجَرَّدِ ": هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِوُقُوعِ الرُّكْنِ في غير وَقْت الْوُجُوبِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ بَلَغَ.

فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ أَعَادَ السَّعْيَ، ذَكَرَهُ الْمَجْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا تُشْرَعُ مُجَاوَزَةُ عَدَدِهِ، وَلَا تَكْرَارُهُ، وَاسْتِدَامَةُ الْوُقُوفِ مَشْرُوعٌ، وَلَا قَدْرَ لَهُ مَحْدُودٌ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ جَارٍ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهَا لَا يُجْزِئُهُ، وَلَا أَثَرَ لِإِعَادَتِهِ، وَحَيْثُ قِيلَ بِالْإِجْزَاءِ فَلَا دَمَ لِنَقْصِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ كَاسْتِمْرَارِهِ.

تَنْبِيهٌ: إِذَا زَالَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ فِي وَقْتِهِ، وَأَمْكَنَ الْإِتْيَانَ لَزِمَهُ الْحَجُّ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ مَعَ الْإِمْكَانِ كَالْبَالِغِ الْحُرِّ.

١ -

(وَيُحْرِمُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ) بِنَفْسِهِ (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) ، فَلَوْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>