وَعَنْهُ: إِنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ.
وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَعُثْمَانُ، وَجَابِرٌ: هُوَ أَفْضَلُ الْأَنْسَاكِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلِإِتْيَانِهِ بِالْحَجِّ تَامًّا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى خَبَرٍ فَكَانَ أَوْلَى، وَشَرْطُ أَفْضَلِيَّتِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يَعْتَمِرَ تِلْكَ السَّنَةَ، فَلَوْ أَخَّرَهَا عَنْ سَنَتِهِ فَالتَّمَتُّعُ، وَالْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْهُ لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الْعُمْرَةَ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ.
وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنِ الْخَبَرِ أَنَّهُ أَفْرَدَ عَمَلَ الْحَجِّ عَنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ أَوْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ فِيمَا بَعْدُ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ ذَكَرَ أَصْحَابُهُ فَقَطْ.
وَأَجَابَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ فَسَخَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَتَأَسَّفَ عَلَى التَّمَتُّعِ لِأَجْلِ سَوْقِ الْهَدْيِ فَكَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى.
(وَعَنْهُ: إِن ساق الْهَدْيَ فَالْقِرَانَ أَفْضَلُ، ثُمَّ التَّمَتُّعَ) لِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَلِأَنَّ فِيهِ مُسَارَعَةً إِلَى فِعْلِ الْعِبَادَتَيْنِ مَعَ زِيَادَةِ نُسُكٍ، وَهُوَ الدَّمُ فَكَانَ أَوْلَى.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَنَسًا سَمِعَهُ يُلَقِّنُ قَارِنًا تَلْبِيَتَهُ فَظَنَّ أَنَّهُ يُلَبِّي بِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ سَمِعَهُ فِي وَقْتَيْنِ، أَوْ وَقْتٍ وَاحِدٍ لَمَّا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْ: فَعَلَ الْحَجَّ بَعْدَهَا، وَيُسَمَّى قِرَانًا لُغَةً.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ بِهِ وَصِحَّتِهَا وَصَرَاحَتِهَا مَعَ أَنَّهُ قَوْلُهُ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِهِ لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا، فَرَوَى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ فِي حَجَّة الوداع بالعمرة إِلَى الْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute