[سبب الكلام عن الخمر وأدلة تحريمها]
أيها المؤمنون بالله: لعل البعض من المستمعين الذين عصمهم الله من هذا الشراب الخبيث ومن هذه المسكرات يقول: ما الداعي لهذا أن يتكلم به بين المسلمين؟
فنقول: يا عبد الله! هل راجعتَ مراكز الشرطة؟ هل راجعت محلات الأحداث؟ هل راجعت دار الرعاية؟ حتى تجد أناساً فقدوا العقول، وأصبحوا بصفة المجانين، بسبب استعمال المسكرات والمخدرات، كانوا رجالاً، كانوا من أعقل الرجال، ولكن لما جنوا على هذا العقل على هذه الكرامة صاروا بصفة المجانين، نسأل الله العفو والعافية.
اللهم لا شماتة.
لو راجعت أخي المسلم مراكز الشرطة رأيتَ بعض الشباب الذين ضاعوا في سبيل الشيطان، وقد أُتي بهم وهم سُكارى والعياذ بالله، إلى أين يرجع هذا؟ يرجع إلى إهمال الآباء، نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً.
أيها المسلمون: أولادكم أمانة في أعناقكم، حتى بدأت النساء تتناول هذه المسكرات والمخدرات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أيها المؤمنون بالله حقاً: حافظوا على هذه الأمانات التي علقها في أعناقكم، فإنكم سوف تسألون عنها يوم القيامة.
لقد أجمع علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وقديم الزمان وحديثه على أن الخمر حرام، إجماعاً قطعياً لا ريب فيه، فمن قال: إنها حلال فهو كافر، يُستتاب، فإن تاب وأقر بتحريمها تُرك، وإلا قُتل كافراً مرتداً، لا يُغسل، ولا يُكفن، ولا يُصلى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، وإنما يُرمس في ثيابه، في حفرة بعيدة؛ لئلا يتأذى المسلمون برائحته، وأقاربُه بمشاهدته، ولا يرث أقاربُه من ماله، وإنما يُصرف مالُه في مصالح المسلمين، لا يُدعى له بالرحمة، ولا النجاة من النار؛ لأن من مات وهو يُدمن الخمر، فإن حقاً على الله أن يُسْقِيَه من طينة الخبال، وطينة الخبال: عُصارة أهل النار.
من استحل الخمر، وقال: إنها حلال، فإنه كافر، يقتل مرتداً، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [الأحزاب:٦٤ - ٦٥].
نعم، أيها المسلمون! إن من اعتقد أن الخمر حلال، فهو مضاد لله، مكذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، خارج عن إجماع المسلمين.
أما من شرب الخمر، وهو يؤمن ويعتقد بأنها حرام؛ ولكن سولت له نفسه بها، فشربها، فهو عاص لله، ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، فاسق عن طاعة الله، مستحق للعقوبة، وعقوبته في الدنيا أن يجلد ردعاً له ولغيره، فإذا تكرر من الشارب الشرب، وهو يُعاقَب ولا يرتدع، فإن ابن حزم رحمه الله تعالى قال: يُقتل في الرابعة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: يقتل في الرابعة عند الحاجة إذا لم ينتهِ الناس بدون القتل.
فاتقوا الله -أيها المسلمون- واجتنبوا الخمر لعلكم تفلحون، فلقد وصفت الخمر بأقبح الصفات في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصفها الله بأنها {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة:٩٠] وقرنها بالميسر، والأزلام، وعبادة الأوثان، وقال صلى الله عليه وسلم: {اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر} وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الخمر مفتاح كل شر، وجماع الإثم كله.
إن شارب الخمر يفقد عقله، ويلتحق بالمجانين، إنه ربما يقتل نفسه وهو لا يشعر، وربما يزني بأمه وأخته، وقد حصل أن كثيراً من السكارى زنوا بأمهاتهم ومحارمهم، وبعضهم باع شرفه وعرضه، وبعضهم ينبطح كما تنبطح الدابة وتُفعل به الجريمة حتى يحصل على قطعة من الحشيش، وحتى يحصل على قليل من الحبوب المسكرة.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:٩٠ - ٩١].