يا عباد الله! أما المؤمنون فتبيض وجوههم، وتثقل موازينهم بالحسنات، ويردون حوض نبيهم محمداً صلى الله عليه وسلم؛ الحوض الذي هو أشد بياضاً من اللبن, وأحلى من العسل، من شرب منه شربةً لا يظمأ بعدها أبداً، ويمرون على الصراط الذي وقف الأنبياء بجانبيه، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم واقف على طرف الصراط ويقول: اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم.
أمة الإسلام! أين الاتعاظ؟! أين التذكار لذلك اليوم العظيم؟! يوم القيامة الذي قال الله فيه للمؤمنين المطيعين:{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزمر:٧٣] يتلقاهم خزنتها ويسلمون عليهم ويهنئونهم بسلامة الوصول إلى دار النعيم، هنيئاً لنا إن كنا منهم، ثم هنيئاً لنا إن كنا منهم، ويسلمون عليهم ويهنئونهم بالسلامة من عذاب الجحيم، يهنئونهم بما في الجنة من الخلود الأبدي فيما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين من نعيم القلوب والأرواح والأبدان، وتمام ذلك أن يحل عليهم الرب جل جلاله رضوانه فلا يسخط عليهم بعده أبداً، ويقال لهم:{إن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تناموا فلا تبأسوا أبداً، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً} ولهم نعيمٌ أعلى وأجل من ذلك وهو التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، وسماع خطابه، والابتهاج برضاه، عند ذلك يقولون:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}[الزمر:٧٤].