هذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى في يوم من الأيام بكى بكاءً شديداً، فأخذت زوجته تبكي لبكائه وهي لا تدري ما الذي أبكاه، ثم أخذ البيت كله يبكي لبكائه وهو لا يستطيع أن يتكلم، ثم سمع الجيران بكاءهم، فأخذ الجميع يبكون لبكاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فلما سكت وأفاق من بكائه قيل له: يا أمير المؤمنين ما الذي أبكاك؟ قال:[[تذكرت منصرف القوم بين يدي الله عز وجل]] لا إله إلا الله الله أكبر، الله أكبر! يا لها من أحوال يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم!
إن هذه الأحوال تحيا بها القلوب، تذكر المنصرف، تذكر الموت، تذكر القبر، تذكر الجنة والنار، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:{أكثروا ذكر هادم اللذات} ويقول صلى الله عليه وسلم: {زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة} ويقول صلى الله عليه وسلم: {لا تنسوا العظيمتين، لا تنسوا العظيمتين: الجنة والنار}.
هذا عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، لما أفاق من بكائه أخبرهم رحمه الله فقال:[[تذكرت منصرف القوم بين يدي الله عز وجل فتذكرت هل أنا من أصحاب الجنة، أم من أصحاب السعير؟]] من هذا؟ إنه عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
إذا كان مثل عمر يتذكر هذا الموقف ويخاف على نفسه مع علمه وزهده وورعه، بل إن بعضهم عده خامس الخلفاء الراشدين رحمه الله فكيف بالمقصرين، وكيف بالمذنبين، وكيف بأصحاب القلوب القاسية الذين تمضي حياتهم وهم في غفلة وإعراض؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون.