[وصف النار]
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله حق تقاته, أيها المؤمنون الذين يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، ويؤمنون بالقدر خيره وشره، ويؤمنون بالنعيم والعذاب, ويؤمنون بالجنة والنار, نعم -أيها المؤمنون بالله حقاً- إن القرآن دائماً في وعده ووعيده، دائماً يكرر: يا أيها الذين آمنوا، ينادي باسم الإيمان, فعليك أيها المؤمن أن تصغي لها سمعك, فإن بعد هذا النداء الجليل إما خيراً تدعى إليه, وإما شراً تحذر منه.
أجل -يا عباد الله- لقد وصف الله سبحانه وتعالى نار جهنم، ووصف أهلها وأحوالهم وأعمالهم في القرآن العظيم, ووصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال بعض العلماء في وصف النار: "إنها دار قد خص أهلها بالإبعاد, وحرموا لذة المنى والإسعاد, بدلت وضاءة وجوههم بالسواد, وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد, عليها ملائكة غلاظ شداد, لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، وحزنهم دائم فما يفرحون, مقامهم محتوم فما يبرحون, أبد الآباد في نار جهنم، عليها ملائكة غلاظ شداد, توبيخهم أعظم من العذاب, تأسفهم أقوى من المصاب, يبكون على تضييع أوقات الشباب, وكلما جاء البكاء زاد, هذه جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الجبار! يا محنتهم لعظيم البوائق! يا فضيحتهم بين الخلائق على رءوس الأشهاد! أين كسبهم للحطام؟! أين سعيهم في الآثام؟! كأنه كان أضغاث أحلام، ثم أُحرقت تلك الأجسام، وكلما أُحرقت تعاد في جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد".
نعم -يا عباد الله- هل على هذه النار نستطيع أن نصبر؟! هل على جهنم نستطيع أن نصبر؟! أم هل على هذه النار جلد؟ يا عباد الله: الأجسام رقيقة وضعيفة.
عباد الله: لنرجع إلى القرآن، ثم لنسمع قول المولى جلَّ وعلا، لنسمع قول الحق تبارك وتعالى الذي لا مرية فيه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥].