[الإيمان باليوم الآخر]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعزنا بطاعتك, ولا تذلنا بمعصيتك, اللهم ارزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً خالصاً لوجهك الكريم, وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الإخوة في الله: أحييكم بتحية الإسلام, وأسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعاً في دار السلام، في جنة الفردوس الأعلى إنه على كل شيء قدير.
أيها الإخوة في الله: إن موضوعنا الليلة وهو موضوع خطير, وعظيم, يحتاج إليه كل إنسان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره, يحتاج إليه كل إنسان حتى يكمل إيمانه؛ لأنه الركن الخامس من أركان الإيمان, وهو اليوم الآخر.
ولما سأل جبريل عليه السلام نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عن أركان الإسلام فأخبره بها, وسأله عن أركان الإيمان فقال له: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره}.
أيها الإخوة: لقد خلقنا الله جلَّ وعلا في هذه الحياة لأمرٍ عظيم وهو عبادته، قال الله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٦ - ٥٨] خلقنا الله جل وعلا في هذه الحياة, ثم نعيش ما قدر الله لنا من العمر, ثم يأتينا هادم اللذات، قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥] ويقول الله في آيات أخرى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [النساء:٧٧] هذه الدنيا -يا عبد الله- التي سببت لنا قطيعة الأرحام, والجفاء والبغض للإخوان, والتفريق بين الجيران، هذه الدنيا التي صارت أكبر همنا, فأضعنا لأجلها الصلوات, وفوتنا تكبيرة الإحرام التي هي خير من الدنيا وما فيها, ثم بعد ذلك يهجم علينا هادم اللذات، وينقلنا من هذه الدار إلى دار البرزخ في القبور.
فيا أخي المسلم: كلنا سوف ينزل به هادم اللذات، ولكنه نزول متفاوت فمنا من تستقبله ملائكة الرحمة بالتحية والسلام والبشرى من رب العالمين, ومنا من تستقبله ملائكة العذاب بالتهديد والوعيد لما أمامهم من سخط الله عز وجل, ثم نمكث في القبور ما كتب الله عز وجل لنا أن نمكث.