[جزاء من أطاع الله وجزاء من عصاه]
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بلَّغ رسالة ربه، ونصح الأمة، وأدَّى الأمانة التي اؤتمن عليها، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون! أطيعوا الله ورسوله، فإن في طاعة الله وطاعة رسوله سعادة الدنيا والآخرة {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧١] اسمع يا عبد الله! اسمع وعد الله الذي لا يخالف، ولا يمانع {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧١] واحذر -يا عبد الله- من معصية الله ومعصية رسوله، فإن فيهما العطب والهلاك، وعاقبة ذلك دخول النار التي وقودها الناس والحجارة -والعياذ بالله- {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الجن:٢٣].
إن المجرم الذي يتعدى الحدود، ويقترف الموبقات، ويعص الله ورسوله في ضلال وسعر، اسمعوا قول الحق جلَّ وعلا: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ} [القمر:٤٧] تصور يا عبد الله! {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر:٤٨] أما المتقين الذي أطاعوا الله ورسوله، وعملوا الصالحات، وامتثلوا الأوامر، واجتنبوا المنهيات، اسمعوا قول الحق: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:٥٤ - ٥٥] الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر أين الاشتياق؟! أين الاشتياق إلى تلك المقاعد يا عبد الله؟! أين الاشتياق إلى القرب من الله عز وجل؟!
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:٥٤ - ٥٥] ولهم في الجنة، في دار النعيم من الكرامات ما لم تسمع به الآذان، ولم تر الأبصار، ولم يخطر على قلوب البشر، فهنيئاً لهم في دار الكرامة والنعيم المقيم التي قال الله فيها: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [محمد:١٥] هؤلاء المتقون الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأطاعوا الله والرسول.
اسمع يا عبد الله! هذا كتاب الله ينطق عليكم بالحق، فإن شئت فخذ، وإن شئت فدع، والموعد غداً {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى:٧] أما المجرمون فيقول الله عنهم: {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد:١٥].
اللهم اجعلنا من المتقين المؤمنين، ولا تجعلنا من المجرمين، اللهم لا تجعلنا من المجرمين.
عباد الله! فضل الله واسع، والخير كثير، وما عليك -يا عبد الله- إلا أن تقبل على الله عز وجل، اسمع إلى هذا الفضل اليسير، طرفاً يسير يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى لله في اليوم والليلة اثنا عشرة ركعة تطوعاً من غير الفريضة، بنى الله له بيتاً في الجنة} أي بيت يا عبد الله في الجنة! هل هي فلة تخرب؟
هل هي زوجةٌ تموت من زوجات الدنيا؟
هل هي الحياة الدنيا التي فيها التنغيصات والتنكيدات؟
لا.
في جنات النعيم التي لا يخرب بنيانها، ولا يهرم شبانها، ولا تبلى ثيابهم، نعيمهم دائمٌ في حياةٍ أبدية بجوار أرحم الراحمين، فمن أراد ذلك؛ فلينافس بالأعمال الصالحة.
عباد الله! صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أقم علم الجهاد، واقمع أهل الشر والزيغ والفساد والعناد.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشدٍ يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم ارزق ولاتنا الجلساء الصالحين الناصحين.
اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين والعلماء العاملين، الذين يبينون لهم طرق الخير، ويحذرونهم من طرق الشر.
اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين الذين يعينونهم إذا ذكروا، ويذكرونهم إذا نسوا يا رب العالمين.
اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! أبعد عنهم البطانة الفاسدة، اللهم أبعد عنهم البطانة الفاسدة.
اللهم أنزل في قلوب ولاة أمورنا بغض البطانة الفاسدة يا رب العالمين إنك على كل شيءٍ قدير وبالإجابة جدير.
اللهم اجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات في جنات الفردوس الأعلى يا رب العالمين، اللهم اجمعنا في جنات النعيم، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقاءك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.