لقد جمع الدين الإسلامي الأمة تحت لواء التوحيد، تحت راية (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) ففي الجملة الأولى (لا إله إلا الله) التخلص من كل عبودية إلا لله وحده، وفي الثانية (محمد رسول الله): أنه لا عبودية صحيحة إلا بما شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله رحمة للعالمين.
إنه دين أدرك أمتنا العربية في حياتها الوحشية التي نطق بها القرآن الكريم، حياة العبودية للجمادات والأموات أموات لا يسمعون ولو سمعواما استجابوا وكما هو واقع بعض المسلمين في بعض الدول التي تدّعي الإسلام للأسف الشديد! فقد انتشرت عبادة القبور في أكثر أنحاء بلاد المسلمين! فيجلسون عند قبر الميت، ويسألونه الحوائج ونسو القادر المقتدر، الله الذي لا إله إلا هو، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
أما الأموات فقد صاروا رفاتاً وعظاماً وتراباً، ولكن الله سيجمعهم بقدرته إذا نفخ في الصور.
أمة الإسلام: لقد جاء الإسلام والعرب الأقدمون الجاهليون في جاهليتهم الجهلاء، وعاميتهم الظلماء، يعبدون الحجارة من دون الله لقد عجب من ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فضحك ثم بكى، فقال له أحد الحاضرين: لماذا بكيت يا أمير المؤمنين ثم ضحكت؟ قال:[[بكيت لأني وأدت ابنة لي وهي حية، وضحكت لأني أعبد صنماً من تمر، فإذا جعت أكلته، وإذا شبعت عبدته]] فهو يضحك رضي الله عنه تعجباً؛ لأن الله أخرجه من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام والإيمان.
إنها حياة عبادة الجمادات والأموات ولو سمعوا ما استجابوا لهم حياة وأد البنات حياة شظف العيش وقد حياها أولئك الجاهلون حياة الذئاب المعتمدة في معايشها على النهب والسلب حياة معاقرة الخمور فجاء الإسلام، وجاء النور الساطع، وجاءت الشمس المشرقة جاء الإسلام فسما بها من هذه الأخلاق -وأقبح منها- إلى أوج العزة والكرامة إلى الألفة وصادق الأخلاق؛ فأصبحوا -بعد أن كانوا رعاة للشاة والإبل، وكانوا كالوحوش- أصبحوا قادة عظماء، وخضعت لهم الدنيا، وأطاحوا بعروش الفرس والروم وكان ذلك بفضل الله ثم بفضل إسلامهم الذي لمَّ شعثهم ووحد كلمتهم وقضى على كل ما في نفوسهم من عوامل تفرقة بين عربي وغيره.
إن ديننا هذا قبس من نور، ومن محاسنه: آثاره على المتمسكين به في الدنيا والآخرة، فإن الله يعطيهم ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ}[القمر:٥٤ - ٥٥].