فاتقوا الله، عباد الله، انصحوهم يا عباد الله، كلموهم يا عباد الله، بلغوهم ذلك الوعيد الشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واعلم -يا أخي- أن جارك يتعلق بك يوم القيامة، فتقول: يا رب! لم أظلمه بماله، ولا بعرضه، ولا بأهله، فيقول: صدق، ولكنه رآني على المنكر فلم ينهني ولم يأمرني.
ثم أولادك -يا عبد الله- اتق الله فيهم، لا تخرج إلى المسجد وأولادك في فرشهم نائمون؛ فإنك مسئول عنهم يوم القيامة.
عباد الله: اتقوا الله عزَّ وجلَّ قبل يوم القيامة، قبل أن توقفوا بين يدي الله عزَّ وجلَّ، فيسألكم عن الصغير والكبير، في يوم تشخص فيه الأبصار لله الحي القيوم، وتشيب فيه الصغار، وتزفر فيه النار، وتحيط به الأوزار، وينصب فيه الصراط، ويغلظ فيه العذاب، ويشهد الكتاب، ويحضر الحساب، ويعظم العقاب، فيا له من يوم ما أطوله وأشد هوله! فكم من شيخ كبير فرط في عمره، وأضاع الحياة، فهو ينادي بأعلى صوته: وافضيحتاه واشيبتاه واشيبتاه
وكم من كهلٍ أو شاب اغتر بشبابه، فضيع أوامر الله ورسوله، وارتكب المحرمات، وهجر المساجد، فهو تاركٌ لصلاته، حالق للحيته، مسبل لثيابه، متشبه بأعداء الله، قضى حياته في إدمان المخدرات والمسكرات، والزنا، واللواط، يؤذي المسلمين في مرافقهم، ثم جاءه الأجل وهو على هذه الحالة من غير توبة، وهو يوم القيامة ينادي: واشباباه واشباباه واشباباه فيا له من يوم عظيم لا تنفع فيه الواسطة، قد تجلى فيه الرب للفصل بين العالمين! قال تعالى:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس:٦٥] وقال: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ}[فصلت:٢١] فيا لها من فضيحة! ويا له من عار بين العالمين!
فيا عباد الله: عدوا العدة لذلك اليوم، وخذوا الأهبة ليوم القيامة، يوم الحسرة والندامة {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء:٨٨ - ٨٩].
اللهم اجعلنا من عبادك المتقين، ووفقنا لصالح الأعمال، واغفر لنا ولوالدِِينا ولوالدِي والدِينا، ولجميع المسلمين والمسلمات، برحمتك يا أرحم الراحمين.
أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.