للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحذير الله من الاغترار بالدنيا]

الله جل وعلا حذرنا من الدنيا ومن الاغترار بالدنيا فأسأل الله أن يفتح مسامع قلوبنا لقبول الحق إنه على كل شيء قدير, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [فاطر:٥] هذا كلام الله جل وعلا, هذا كلام ملك الملوك, هذا كلام الذي بيده أزمّة الأمور, هذا كلام من بيده مقاليد السماوات.

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون, فاتقوا الدنيا واتقوا النساء} انظروا لما انفتحت علينا الدنيا، وترك الحبل على الغارب لكثير من النساء, انظروا ماذا حصل أيها الإخوة في الله! نسأل الله أن يردنا إليه رداً جميلاً إنه على كل شيء قدير.

إخوتي في الله: احذروا من الدنيا, لا تنخدعوا بما فيها من الزخارف البراقة، التي هي عن قريب تزول وتضمحل، ويكفي بها ذماً ما ضربه الله لها في القرآن العظيم, فالله جل وعلا يضرب لها الأمثال في القرآن فيقول جل وعلا: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} [الكهف:٤٥] استمعوا -يا إخواني- لهذه الآية، افتحوا مسامع قلوبكم لتعرفوا أن الدنيا والله لا تساوي عند الله شيئاً، فهذا المثل يضربه الله للدنيا.

ثم قال جل وعلا بعد ذلك: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:٤٦] ومتى نلقى جزاء ذلك يا عباد الله؟ كل هذا في سورة واحدة يذكرها الله, قال تعالى: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الكهف:٤٧ - ٤٨] كما خرجتم من بطون أمهاتكم حفاة عراة غرلاً, الآن تبعثون حفاة عراة غرلاً لتجزون على أعمالكم, فهنيئاً والله لمن أكثر من الباقيات الصالحات, أما من أضاع عمره في غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه, نسأل الله العفو والعافية.