للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العامل الأساس للأخذ بأيدي الشباب]

إن العامل الوحيد للأخذ بأيدي الشباب وقيادتهم إلى الخير ليكونوا كما كان أسلافهم في عصر النور هو التوجيه الصالح الرشيد الذي يتظافر عليه البيت والمدرسة والإذاعة والصحافة والعلماء والقادة, كل أولئك يجب عليهم أن تتظافر فيهم جهود التوجيه، توجيه الشباب إلى الخير, وقيادتهم إلى أقوم السبل في الأقوال والأفعال والعزائم الصادقة.

أما مجرد التوجيه بالأقوال بدون التصديق بالأفعال فلا كأن يقال: إليكم هذا الحديث، إليكم هذه التلاوة المرتلة، ثم يقال: تغني فلانة، ويغني فلان، ثم يأتي في الصحافة، ويقول: مجلة الفن تحل الأغاني وتحل الموسيقى، وهي حرام في الإسلام، فأين هذا التوجيه من التوجيه الإسلامي الصحيح؟! إذا لم تصدق بالأفعال، فذلك مما ينقضه الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:٢ - ٣].

ومثل مدرس يشرح حديث {لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء} فيقول له الطالب: كيف ذلك يا أستاذ؟ فيقول: في حلق اللحية، إذا حلق لحيته، فإنه يتشبه بالنساء، ومع الأسف الشديد كان الأستاذ الجليل حالق للحيته، فيقول له الطالب: فلماذا تحلق لحيتك يا أستاذ؟ فيقول: (هذا جَريٌ للمجتمع، وخوف من المعزبة) أو كما قال قولته الشنعاء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:٢ - ٣].

كذلك الأستاذ يشرح الدرس، وثوبه يجر خلفه شبراً في الأرض، وهو يقول: إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء، الله أكبر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف:٢ - ٣].

إن من شروط الداعي إلى الخير أن يكون قدوةً فيما يأمر به، أما الذي ينهى الأولاد عن شرب المسكرات والدخان، وهو مدمن عليها، فإنهم يهزءون به، لأنه بصفة المختل للعقل، لأنه لم ينه نفسه قبل ذلك.

لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

كذلك المعلم إذا كان في أثناء الشرح فهو مرآة، فلينظر ماذا يلقي على أولئك النشء، فإنهم أمانة في عنقه.

أما الذين يعلَّمون ولا يعملون فليسمعوا إلى هذا الوعيد الشديد، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه -أي: أمعائه- فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: يا فلان! ما شأنك؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر، وآتيه}.

اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك.

فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين في التوجيه وفي النصح والإرشاد وفي الدعوة إلى الله عز وجل, حتى يصلح بكم أولادكم، ويرتفع بكم المجتمع، وتكونوا قدوةً صالحة.

{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:١ - ٣].

اللهم اجعلنا هداة مهتدين، اللهم أصلحنا، وأصلح لنا، وأصلح بنا يا رب العالمين، اللهم أجرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن أبداً ما أبقيتنا يا أرحم الراحمين.

وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.