عباد الله: قد أزعج خوف سوء الخاتمة قلوب الخائفين، وأسهر عيون العابدين، فهذا أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المكثرين لرواية الحديث، لمّا حضرته الوفاة بكى، فقالوا: ما يبكيك؟ قال:[[بعد السفر، وقلة الزاد، وضعف اليقين، وخوف الوقوع من الصراط في النار]] الله أكبر! هؤلاء الرجال الذين خافوا الله عز وجل، وعظمت محبة الله في قلوبهم.
وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه لما حضرته الوفاة، جعل يجود بنفسه وقال:[[ألا رجلٌُ يعمل لمثل مصرعي هذا؟ ألا رجلٌ يعمل لمثل يومي هذا؟ ألا رجلٌ يعمل لمثل ساعتي هذه؟]].
وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه لمّا حضرته الوفاة شهق، ثم أغمي عليه ثم أفاق، وقال:[[مرحباً مرحباً، الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الجنة فقيل له: ماذا ترى؟ قال: هذا رسول الله وأخي جعفر، وعمي حمزة، وأبواب السماء مفتحة، والملائكة ينزلون يسلمون علي ويبشرونني، وهذه فاطمة قد طاف بها وصائفها من الحور العين، وهذه منازلي في الجنة، لمثل هذا فليعمل العاملون]] ثم توفي رضي الله عنه وأرضاه.
عباد الله: أمة الإسلام! إن حالة الاحتضار سوف تمر بكل إنسان، فالموفق من وفقه الله وألهمه وثبته على القول الثابت، فإن المؤمن الذي قد عاش على طاعة الله وذكره عندما يقال له: قل لا إله إلا الله؛ يبادر بها ويرفع بها صوته، ومع ذلك هو فرحٌ بالموت مشتاق؛ لأن الله جل وعلا اشتاق للقائه، والبشرى تزف إليه، وملائكة الرحمة تنزل إليه لقبض روحه.