للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدلة وجوب صيام رمضان]

الحمد لله على نعمة الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أرسله الله رحمة للعالمين وقدوة للسالكين، فما مات إلا وترك أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا عباد الله: يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:١٨٣ - ١٨٥].

اللهم شكراً لك على إنعامك الكثيرة وفي مقدمتها نعمة الإسلام.

أيها المسلمون: هذه الآية تعلن بفريضة صيام رمضان على الأمة الإسلامية، كما هو مفروضٌ على الأمم من قبلها، وقد فضلت هذه الأمة بفضائل كثيرة ومنها ليلة القدر الليلة التي فيها الخير الكثير لمن قامها إيماناً واحتساباً، فشهر رمضان شهرٌ مبارك، فالمسلمون المؤمنون المصدِّقون بوعد الله يتأهبون لزيادة صلتهم بالله العظيم عن طريق الصيام والقيام وتلاوة القرآن، وسائر القربات إلى الله جل وعلا، فمن قام بهذه الأعمال بإخلاص نية محتسباً الأجر عند الله، فقد تاجر مع الله، ونعم التجارة فإنها رابحة.

أما الذين يفرون ويهربون عن رمضان خارج البلاد ليقضون لياليه وأيامه بالسهر والمتعة بالملاهي والمجون والخلاعة، فهؤلاء المحرومون الذين كتب عليهم الحرمان، وأسرتهم الشهوات وقيدتهم الذنوب والمعاصي، فلم يزدادوا بهذا الشهر الشريف إلا بعداً عن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أما الذين يعدِّون المسرحيات والتمثيليات والأفلام الخبيثة والأغاني الماجنة لشهر رمضان، فقد ضَربوا بسهم من الحرمان، اللهم إنا نسألك العفو والعافية.

أمة الإسلام: إن العبودية الصادقة لله عز وجل تعني: أن يشعر المرء بالحب والخضوع والذل لله رب العالمين، فيلتزم بأوامر الله جل وعلا، وينتهي عما نهاه الله تبارك وتعالى، فعلينا جميعاً يا أمة الإسلام! أن نغتنم هذا الشهر الكريم ونستقبله بالتوبة النصوح لله عز وجل من جميع الذنوب والخطايا، ونجدد توبتنا ونوثق إيماننا بالله الحي القيوم، ونقوم بطاعة مولانا وخالقنا، ونحيي شهر رمضان بقلوب مملوءة بالإيمان والحب، فأهلاً بك يا شهر رمضان، أهلاً بك يا شهر الصيام والقيام، أهلاً بك يا شهر القرآن، أهلاً بك يا شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، أهلاً بك يا شهر التعاطف والإحسان، أهلاً بك يا شهر الخيرات، اللهم وفقنا للصيام والقيام وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا رب العالمين.

عباد الله: إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، فاحذروا من البدع يا عباد الله، وصلوا على الناصح الأمين محمد بن عبد الله، الذي ترككم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، صلوا عليه وسلموا تسليماً، امتثالاً لأمر الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وفي مقدمتهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أصحابه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم ياحي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم اشدد وطأتك على أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم ارفع عنهم يدك وعافيتك، اللهم مزقهم كل ممزق يا من لا يعجزه شيء لا في الأرض ولا في السماء، اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، اللهم أيدهم بتأييدك وانصرهم بنصرك، اللهم وحد صفوفهم واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم قيض لهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! أبعد عنهم بطانة السوء، اللهم أبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين.

اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أقر أعيننا بصلاحهم يا رب العالمين، واجمعنا يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! اجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات في جنات الفردوس الأعلى، اللهم اجمعنا في جناب الفردوس الأعلى يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام!

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، يا حي يا قيوم أنت الغني ونحن الفقراء، اللهم يا من لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣].

اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنياءً مريئاً، سحاً غدقاً نافعاً، مجللاً طبقاً، نافعاً غير ضار، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم أنزل علينا من بركاتك، اللهم أنزل علينا من بركات السماء، اللهم أخرج لنا من بركات الأرض يا من لا يعجزه شيء لا في الأرض ولا في السماء، يا من تكفل بأرزاق العباد، يا من بيده ملكوت كل شيء، لا إله إلا أنت ولا رب لنا سواك.

اللهم لك الحمد وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن والسفور والتبرج والملاهي بأنواعها وجميعها يا رب العالمين، اللهم طهر بيوتنا وقلوبنا وأسواقنا ومسامعنا من الملاهي بأنواعها يا رب العالمين، وأبدلها يا حي يا قيوم حلق ذكر ومجالس علم إنه لا يعجزك يا رب العالمين.

اللهم ردنا إليك رداً جميلا، اللهم طهر قلوبنا بالتوبة النصوح، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.