للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال أهل النعيم في الجنة]

ثم هم -يا عباد الله- في مقامٍ أمينٍ من الحوادث وغيرها، في أمان من تغير الزمان وتقلبات الحياة، في جنات وعيون لهم فيها من اللباس السندس والإستبرق متنعمين مع الزوجات من الحور العين الراضيات المرضيات الآمنات الطاهرات من الحيض والنفاس والمخاط، اسمعوا يا عباد الله! اسمعوا يا من تشتاقون إلى الجنة! {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان:٥١] نسألك اللهم من فضلك.

اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان:٥١ - ٥٢] اللهم إنا نسألك من فضلك، الله أكبر -يا عباد الله- تذوقوا طعم الجنة قبل أن تدخلوا الجنة، يقول ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها، لم يدخل جنة الآخرة.

تذوقوا طعم الجنة.

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} [الدخان:٥١ - ٥٦] سكرات الموت سلموا منها، سلموا من الموت الذي هو أشد من الضرب بالسيوف والقرض بالمقاريض {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان:٥٦] لأن أهل الدنيا وإن كانوا في القصور والفلل والعمارات، فإنهم سوف يذوقون الموت، أما أهل الجنة، فإنهم لا يذوقون الموت، تكفيهم الموتة الأولى {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان:٥٦] ومع ذلك {وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الدخان:٥٦ - ٥٧] إي وربي إنه لهو الفوز العظيم في جنة النعيم!

عباد الله: بادروا إلى الجنة وما أعد الله فيها لعباده الصالحين، يقول المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: {يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧]} ويقول رسول الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم: {أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكبٌ دريٌ في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتفلون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، أزواجهم الحور العين، على خلق رجلٍ واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء} متفق عليه، وفي رواية لـ مسلم: {آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم فيها المسك، ولكل واحدٌ منهم زوجتان يُرى مخ ساقيهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجلٍ واحد يسبحون الله بكرةً وعشياً}.