[الإكثار من ذكر الموت وثمرته]
{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} [الإسراء:١١١] و {َسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم:١٧ - ١٩].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله بشيراً ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده صلوات الله وسلامه عليه, أما بعد:
أيها الأحباب: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل, فهي وصية الله للأولين وللآخرين, نسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى, اللهم اهدنا وسددنا, اللهم إنا نسألك الهدى والسداد, اللهم اهد قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخائم صدورنا يا رب العالمين.
أيها الأحباب: إن الله جل وعلا في كثير من آيات القرآن يحثنا على التقوى ومع ذلك ينادي باسم الإيمان سبحانه وتعالى, لذلك بعض السلف يقول: إذا سمعت الله يقول: [[يا أيها الذين آمنوا فَاْرع لها سمعك, فهو إما خير تدعى إليه وإما شر تنهى عنه]] أو كما قال رحمه الله تعالى, فالله جل وعلا يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢] ويقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١] وقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:١٨].
أيها الأحباب: إن أصدق الحديث كلام الله سبحانه وتعالى، الذي لو أنزله على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله, وكفى بالقرآن واعظاً, ثم إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
أيها الأحباب: الموضوع هو حالة المحتضرين أو بعض حالات المحتضرين نسأل الله جل وعلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة إنه على كل شيء قدير, فحالة الاحتضار سوف تمر بنا كلنا, ولكن السعيد من خرجت روحه على توحيد الله سبحانه وتعالى, على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, نسأل الله حسن الختام.
الله جل وعلا يقول: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف:٣٠] ويقول جل من قائل عليماً: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم:٣٥ - ٣٦] فالله هو الحكيم سبحانه وتعالى, قال بعض العلماء: إن من عاش على طاعة الله ومات على طاعة الله؛ فإنه يبعث على طاعة الله سبحانه وتعالى, ومن مات على ذلك؛ فإنه كما قيل: يبعث على ما مات عليه, نسأل الله العفو والعافية.
إذاً الموت هو نهاية كل إنسان، فعلينا أن نتق الله سبحانه وتعالى لعل الله جل وعلا أن يختم بالصالحات أعمالنا, كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {أكثروا من ذكر هادم اللذات} قال لي بعض الإخوان: أنت تكثر دائماً من هذه المواضيع: الموت, القبر, الجنة والنار, هل لا يوجد في هذا الوقت إلا هذه المواضيع؟! ويقول: الناس محتاجة لتبين تحريم الظلم, تحريم أكل الربا, تحريم الزنا, تحريم اللواط, تحريم التبرج, تحريم شرب الدخان وعدد أموراً كثيرة.
فقلت له: يا أخي! إذا حصلت عندنا الموعظة، وتذكرنا الموت، وعرفنا أننا سوف ننتقل من هذه الدنيا, وسوف نوضع أو سوف نجعل في تلك القبور التي ليس معنا فيها إلا العمل, ثم سوف نقف بين يدي الله جل وعلا, ثم في النهاية إما إلى الجنة وإما إلى النار, إذا عرفنا هذا فبإذن الله سبحانه وتعالى سوف تنكف الجوارح عما حرم الله جل وعلا, نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى ومن المتناصحين في الله امتثالاًَ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: {الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} والله جل وعلا يقول: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:٥٥] وقال سبحانه: {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى} [الأعلى:١٠ - ١٣].