أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها؛ فرض عليكم الفرائض لتصلوا بها إلى أحسن الغايات وأسماها، وأعلى الدرجات في روضات الجنات، ولتنجوا بها من عذاب النار ومن الهلكات، فرض عليكم الصلوات الخمس، وأمركم بإقامتها والمحافظة عليها فأدوها كما أمرتم؛ أدوها بشروطها وأركانها وواجباتها وأكملوها بمستحباتها، ولا تتهاونوا بها فتكونوا من الخاسرين.
أيها الناس: إن كثيراً من الناس يتهاونون في صلاتهم، فلا يؤدونها في الوقت المحدد لها، فوقت الظهر: من زوال الشمس؛ وهو ما جاوز وسط السماء، وعلامته ابتداء زيادة الظل بعد انتهاء قصره، فيمتد وقتها من الزوال إلى دخول وقت العصر، وذلك بأن يكون ظل الشيء مساوياً له من ابتداء ظل الزوال.
وينتهي وقت العصر باصفرار الشمس في حال الاختيار، وبغروب الشمس في حال الضرورة.
ثم يدخل وقت المغرب، من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، أي حوالي ساعة ونصف من الغروب.
ثم يدخل وقت العشاء إلى منتصف الليل، ووقت الفجر من طلوع الفجر الصادق وهو البياض المعترض في الأفق إلى طلوع الشمس، وصلاة الفجر منفصلة عن بقية الصلوات فبينها وبين العشاء من نصف الليل إلى طلوع الفجر، وبينها وبين الظهر من طلوع الشمس إلى زوالها، قال الله تعالى:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}[الإسراء:٧٨] وهذه تستوعب أوقات الصلوات الأربع: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم فصل وقال:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء:٧٨] يعني: صلاة الفجر سماها الله قرآناً لطول القراءة فيها: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْر كَانَ مَشْهُوداً}[الإسراء:٧٨] أي: تشهده الملائكة.
هذه أوقات الصلوات وقْتَّها الله ورسوله، فلا يحل لمسلمٍ أن يقدم من صلاته جزءاً قبل الوقت، ولا يحل له أن يؤخر منها جزءاً بعد الوقت المحدد لها، إلا إذا كان ينوي الجمع، أو لضرورة، وإذا كان ذلك لا يحل ولا يجوز؛ فكيف بمن يؤخرون جميع الصلوات عن وقتها كسلاً وتهاوناً وإيثاراً للدنيا على الآخرة، ويتنعمون بنومهم على فراشهم، ويتمتعون بلهوهم ومكاسبهم كأنما خلقوا للدنيا، كأنما خلقوا (للبلوت والكنكان) كأنما خلقوا للميسر والقمار، والليل الطويل يذهب مع ذلك وهم لا يبالون بعقاب الله.