[البكاء من خشية الله وفضله]
القصيدة تنسب إلى زين العابدين، أو إلى إبراهيم بن أدهم رحم الله الجميع، ورحمنا الله وإياهم بواسع رحمته، وهو يقول فيها:
ليس الغريب غريب الشام واليمن إن الغريب غريب اللحد والكفن
تمر ساعات أيامي بلا ندمٍ ولا بكاءٍ ولا خوفٍ ولا حزن
سفري بعيدٌ وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبني ويسترني
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلةً كتبت يا غفلةً ذهبت يا حسرةً بقيت في القلب تحرقني
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أنوح على نفسي وأندبها وأقطع الدهر بالتذكار والحزن
دعني أسح دموعاً لا انقطاع لها فهل عسى عبرةٌ منها تخلصني
في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: {عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين سهرت تحرس في سبيل الله} وفي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله -منهم- ورجلٌ ذكر الله خالياً، ففاضت عيناه} فجازاه جلَّ وعلا أن يظله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، ولن يبكِ إلا قلبٌ رقيقٌ قريبٌ من الله عز وجلَّ، أما القلب القاسي-والعياذ بالله- فهو بعيدٌ من الله، القلب القاسي الذي تراكمت عليه الشهوات، وطمت عليه الغفلة وبنت عليه جدرانها، فهو قاسٍ لا يتعظ ولا يلين، أما القلب اللين الخاشع القريب من الله، فهو الذي يلين، وتسيل منه الدمعة بعد الدمعة، فكم دمعةٍ ثم دمعة ترضي الله عز وجل، وتدفع عن صاحبها العذاب.
نعم يا عباد الله! سبعة يظلهم الله في ظله منهم الرجل الذي ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، فالإكثار من ذكر الله واستغفاره عز وجل، وإحضار القلب دائماً بين يديه عز وجل يجلو صدى القلب، وكذا التذكر في الخلوات، إذا كنت خالياً لست في حضرة الناس تتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى، وتتقرب إلى الله عز وجل، فهذه عادة السلف الصالح رحمة الله عليهم، كانوا يحيون ليلهم بالتهجد والتقرب إلى الله عز وجل، فهذا الزاهد يقول في كلامه:
دعني أنوح على نفسي وأندبها وأقطع الدهر بالتذكار والحزن
دعني أسح دموعاً لا انقطاع لها فهل عسى عبرةٌ منها تخلصني