للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تارك الصلاة والمتهاون فيها]

عباد الله: حافظوا على الصلوات وأدوها في أوقاتها كما أمرتم، وقوموا لله قانتين خاشعين مطيعين، واحذروا من ترك الصلاة واحذروا من التهاون فيها! واحذروا من الاستخفاف بحقها.

عباد الله! إن ترك الصلاة كفرٌ يخرج من الملة والعياذ بالله! وسوف يكون مسكنه في سقر، وسقر طبقة من طباق جهنم، أما المتهاون والمتأخر عن الصلاة لا يبالي أصلاها في وقتها أو أخرها عن وقتها فسوف يلقى غياً، والغي: واد في جهنم يقول الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:٥٩].

وما أكثر أولئك الذين أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات، ولكن نحذرهم -كما ذكر الله في كتابه- من ذلك الغي، وهو وادٍ في جهنم، احذروا يا من تضيعون الصلوات وتتبعون الشهوات، احذروا ذلك الوادي الذي هو في جهنم مرصدٌ ومعدٌّ لمن اتبع الشهوات وأضاع الصلاة.

وأما الذين يصلون ولكن لا يصلون الصلاة إلا بعد خروج وقتها فأولئك موعدهم ويل، وويل: وادٍ في جهنم لو صيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره، أجارنا الله من ذلك!

عباد الله: حافظوا على الصلوات في جميع أوقاتها، وأقيموها وصلوها بخشوعٍ وطمأنينة، أدوها كاملة بأركانها وواجباتها وسننها؛ تحوزوا الأجر العظيم، والرضا من رب العالمين وفي الحديث: {من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة أو قال: وجبت له الجنة، أو قال: حرم عليه النار}.

لما سأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؛ فقال له صلى الله عليه وسلم: {أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها} وكذلك يروي لنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال: {من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا برهاناً ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف} بئس القرناء يا عباد الله، بئس الرفقاء يا عباد الله، وبئس المنزل منزلهم جهنم!

عباد الله! إن من اشتغل بأمواله وتجارته ووزارته وولده وملاذِّه عن الصلاة فإنه يكون مع هؤلاء القرناء: قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف، الذين يسهرون على الملاهي، ولعب القمار والميسر والورق، وغيرها ثم إذا جاءت الصلاة ناموا عنها، ثم يقولون: نحن لم نستيقظ، فإنه محال السهر والقيام مبكراً.

يا عباد الله: محالٌ السهر والقيام مبكراً، فإن صلاة الفجر بينها وبين التلفاز صراعٌ شديد فأيهما غلب صاحبه فإنه سوف يستيقظ إن ترك السهر مع التلفاز ومع الأفلام ومع غيرها ونام مبكراً واستعان بالله فإنه سوف يقوم بإذن الله ويصلي طيب النفس نشيطاً، أما إن طاوع النفس الأمارة بالسوء، وسهر مع الأفلام ومع الأغاني ومع غيرها فإنه يعقد عليه الشيطان ثلاث عقد ويصبح خبيث النفس كسلاناً.

أمة الإسلام! أمة الإسلام! ما هذا التمادي في المعاصي، وأنتم تعلمون أنها معاصي؟ مَنْ منا لا يعلم أن ترك الصلاة كفر؟!

فالكثير في البيوت -ونسأل الله العفو والعافية- يعلمون أن تارك الصلاة كافر ولكنهم يسكتون عليه ويؤاكلونه ويشاربونه ويصادقونه ويتخذونه لهم خليلاً، وهو والعياذ بالله بكفره وإصراره على ترك الصلاة كافر، وبعض العلماء يقول: هو مرتد أكفر من اليهود والنصارى.

عباد الله: متى نستيقظ من رقدتنا؟! متى نئوب إلى ربنا؟! متى نعرف حقوق الله علينا؟! متى نحب في الله ونبغض في الله؟! ونوالي في الله إذا نزل بنا العذاب؟! ونزلت بنا سنة الأولين؟!

إن سنة الله في عباده واحدة، ما نزل العذاب والهلاك والدمار في بني إسرائيل إلا لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجالسوا العصاة وآكلوهم وشاربوهم، ثم لعنهم الله، وضرب قلوب بعضهم ببعض -نسأل الله العفو والعافية- وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت، كل ذلك مِنْ تَعدي الحدود وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والسكوت على المنكرات، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

اللهم أيقظنا من رقدات الغفلة، اللهم أيقظنا من رقدات الغفلة، وأوقد في قلوبنا نار الغيرة على أعدائك وعلى المحرمات، حتى نتوب إليك ونبتعد عنها ونوالي فيك ونحب فيك ونبغض فيك يا رب العالمين.

وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله، واستغفروا الله يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.